الآية 50

قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إلى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ﴾

القراءة:

قرأ البرجمي والسلموني " النسوة " بضم النون. والباقون بكسرها، وهما لغتان. والكسر افصح. وفي الكلام حذف، لان تقديره إن الناجي الذي استفتى يوسف عن تفسير رؤيا الملك حين فسره له، رجع إلى الملك واخبره به، وعرفه ان ذلك فسره له يوسف، فقال الملك عند ذلك: ائتوني به والكلام دال عليه، وذلك من عجائب القرآن، وعظم فصاحته. ومعنى " ائتوني به ". أجيئوني به " فلما جاءه الرسول " يعني رسول الملك، قال له يوسف ارجع إلى سيدك. " فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن " وإنما رد الرسول ليبين للملك براءته مما قرف به، وانه حبس بظلم من غير بينة، ولا اعتراف بذنب، وقال قتادة: طلب العذر. وقوله " ان ربي بكيدهن عليم " قيل في معناه قولان:

أحدهما: وهو الصحيح - انه أخبر ان الله تعالى عالم بكيد النسوة.

الثاني: ان سيدي العزيز عليم بكيدهن. والأول عليه أكثر المفسرين. والملك هو القادر الواسع المقدور الذي إليه السياسة والتدبير، وكان هذا الملك ملك مصر. ويجوز ان يمكن الله تعالى الظالم من الظلم، وينهاه عن فعله، ولا يجوز أن يملكه الظلم، لان ما يملكه، فقد جعله له، وذلك لا يليق بعدله. والتمليك تمكين الحي مما له ان يتصرف فيه في حكم الله تعالى بحجة العقل والسمع، وعلى هذا إذا مكن الله تعالى من الظلم أو الغصب لا يكون ملكه، لأنه لم يجعل له التصرف فيه. بل زجره عنه، قال الرماني: يجوز أن يسلب الله تعالى الخلق ما ملكهم في الدنيا بسوء افعالهم، كما يسلب بعضهم بكفرهم، والا فهو له، فان اخذ بالموت عنه على طريق العارية ثم يرد إليه ويعوض مما فاته بكرمه تعالى، وقيل: إن يوسف إنما قال ما بال النسوة جميع النساء ولم يخص امرأة العزيز حسن عشرة منه، وقال قوم ذلك يدل على أن كل واحدة منهن دعته إلى نفسها مثل امرأة العزيز.