سورة يونس

سُورَة يونس مَكيَّة وَعَدَدُ آياتِهَا مَائة وتسْع آياتْ

محتوى وفضيلة هذه السورة

هذه السورة من السور المكية، وعلى قول بعض المفسّرين فإِنّها نزلت بعد سورة الإِسراء وقبل سورة هود، وتوكّد - ككثير من السور المكية - على عدة مسائل أساسية وأُصولية، وأهمها مسألة المبدأ والمعاد.

غاية مافي الأمر أنّها تتحدث أوّلا عن مسألة الوحي ومقام النّبي (ص) ، ثمّ تتطرق إِلى نماذج وعلامات الخلقة العظيمة التي تدل على عظمة الله عزوجل، وبعد ذلك تدعو الناس إِلى الإِلتفات إِلى عدم بقاء الحياة المادية في هذه الدنيا، وحتمية زوالها، ووجوب التوجه إِلى الآخرة والتهيؤ لها عن طريق الإِيمان والعمل الصالح.

وقد ذكرت السورة - كدلائل وشواهد على هذه المسائل - أقساماً مختلفة من حياة كبار الأنبياء، ومن جملتهم نوح وموسى ويونس (ع) ولهذا سمّيت بسورة يونس.

وقد ذكرت كذلك، لتأييد هذه المباحث، كلاماً عن عناد وتصلب عبدة الأوثان، وترسم وتوضح لهم حضور الله سبحانه في كل مكان وشهادته، وتستعين لإِثبات هذه المسألة بأعماق فطرة هؤلاء التي تتعلق بالواحد الأحد عندما يقعون في المشاكل والمعضلات، حيث يتّضح هذا التعلق الفطري بالله سبحانه.

وأخيراً فإِنّها تستغل كل فرصة للبشارة والإِنذار، البشارة بالنعم الإِلهية التي لا حدود لها للصالحين، والإِنذار والإِرعاب للطاغين والعاصين، لتكملة البحوث أعلاه.

ولهذا فإِنّنا نقرأ في رواية عن الإِمام الصّادق (ع): "من قرأ سورة يونس في كل شهرين أو ثلاثة مرّة، لم يخف عليه أن يكون من الجاهلين، وكان يوم القيامة من المقربين" (1) ، وذلك لأنّ آيات التحذير والوعيد وآيات التوعية كثيرة في هذه السورة، وإِذا ماقُرئت بدقة وتأمل، فإنّها ستكشف ظلمة الجهل عن روح ابن آدم، وسيبقى أثرها عدّة أشهر على الأقل، وإِذا ما أدرك الإِنسان محتوى السورة وعمل بها، فإِنّه سيكون - يقيناً - يوم القيامة من المقربين.

ربّما لانحتاج أن نذكّر بأنّ فضائل السور - كما قلنا سابقاً - لايمكن تحصيله بمجرّد تلاوة الآيات من دون إِدراك معناها، ومن دون العمل بمحتواها، لأن التلاوة مقدمة للفهم، والفهم مقدمة للعمل!


1- تفسير نور الثقلين، ج2، ص290، وتفاسير أُخرى.