الآيات 6-7 من سورة الممتحنة
قوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ، عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾
إنما أعيد ذكر الأسوة في الآيتين، لان الثاني منعقد بغير ما انعقد به الأول فان الثاني فيه بيان أنه كان أسوة في إبراهيم والذين معه، وهو لرجاء ثواب الله وحسن المنقلب في اليوم والآخر، والأول فيه بيان ان الأسوة في المعاداة للكفار بالله حسنة وإذا انعقد الثاني بغير ما انعقد به الأول صارت الفائدة في الثاني خلاف الفائدة في الأول. ووجه الجواب في قوله (ومن يتول فان الله هو الغني الحميد) أي من يذهب عما يحتاج إليه دون الداعي له، لان الداعي له غنى حميد، فجاء على الايجاز. والحميد هو المستحق للحمد على إحسانه، والمحمود الذي قد حمد، فان الله تعالى حميد محمود. وقوله (عسى الله ان يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة) بالاسلام وقال ابن زيد: وكان ذلك حين أسلم كثير منهم. وقيل معنى (عسى الله ان يجعل) أيي ليجعل بينكم مودة، وقيل معناه كونوا على رجاء من ذلك وطمع فيه وهو الوجه، لأنه الأصل في هذه اللفظة. ثم قال (والله قدير) أي قادر على كل ما يصح أن يكون مقدورا له (والله غفور) لذنوب عباده ساتر لمعاصيهم " رحيم " بهم أي منعم عليهم.