الآية 100

قوله تعالى: ﴿قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُورًا﴾

يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم " قل " لهؤلاء الكفار: لو أنكم ملكتم " خزائن رحمة ربي " أي ما يقدر عليه من النعم قدرتم على مثله لما أنفقتموه في طاعة الله، وأمسكتموه خوفا من الفقر. ثم اخبر بأن الانسان كان قتورا، يعني مضيقا سئ الظن بالله وبالخلف عن الانفاق، وهو جواب لقولهم " لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا " (1) فأعلمهم الله أنهم لو ملكوا خزائن الله، لامسكوا بخلا بها وشحا خشية نفادها، يقال: نفقت نفقات القوم إذا نفدت، وانفقها صاحبها أي انفدها حتى افتقر، وقال قتادة: خشية الانفاق أي خشية الفقر. والمراد بالانسان في الآية. - قول ابن عباس والحسن: هو الكافر. والقتور المضيق للنفقة، يقال قتر يقتر وأقتر إذا قدر النفقة. و (أنتم) مرفوع بفعل مضمر، والمعنى قل لو تملكون أنتم، لان (لو) يقع بعدها الشئ، لوقوع غيره، فلا يليها إلا الفعل، وإذا وليها اسم يعمل فيه الفعل المضمر قال الشاعر:

لو غيركم علق الزبير بحبله * أدى الجوار إلى بني العوام (2)

والقتور البخيل - في قول ابن عباس - قال أبو داود:

لا أعد الاقتار عدما ولكن * فقد من قد رزئته الاعدام (3)

وظاهر قوله " وكان الانسان قتورا " العموم، وقد علمنا أن في الناس الجواد، والوجه فيه أحد أمرين:

أحدهما: ان الأغلب عليهم من ليس بجواد، ومن مقتصد أو بخيل، فجاز تغليب الأكثر.

الثاني: أنه لا أحد إلا وهو يجر إلى نفسه نفعا بما فيه ضرر على الغير، فهو بخيل بالإضافة إلى جود الله تعالى.


1- سورة 17 الاسرى آية 91.

2- مر هذا البيت في 4: 351.

3- تفسير الطبري 15: 16.