الآيات 73-75
قوله تعالى: ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً، وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً، إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾
المعنى:
قال الزجاج: معنى الكلام كادوا يفتنونك، ودخلت (ان واللام) للتوكيد ومعنى (كاد) المقاربة. وقوله " وإن كادوا " قال الحسن: معناه قارب بأن هم من غير عزم. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم (ان الله وضع عن أمتي ما حدثت به نفسها إلا من عمل شيئا أو تكلم به) وقيل إنهم قالوا: لا ندعك تستلم الحجر حتى تلم بآلهتنا. وقال مجاهد، وقتادة: الفتنة التي كاد المشركون ان يفتنوا النبي صلى الله عليه وسلم. بها الالمام بآلهتهم ان يمسها في طوافه، لما سألوه في ذلك، ولاطفوه. وقال ابن عباس: هم بإنظار ثقيف بالاسلام حتى يقبضوا ما يهدي لآلهتهم ثم يسلموا فيها. امتن الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأنه لولا أنه ثبته بلطفه، وكثرة زواجره وتواتر نهيه، لقد كاد يركن اي يسكن، ويميل إلى المشركين قليل، على ما يريدون يقال: ركن يركن، وركن يركن، ثم قال " إذا لأذقناك ضعف الحياة، وضعف المماة " اي لو فعلت ذلك، لأذقناك ضعف عذاب الحياة، وضعف عذاب المماة لعظم ذلك منه لو فعله، وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك. وإنما كان يعظم عذابه بالركون إليهم لكثرة زواجره وفساد العباد به. وقيل لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم " اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين) روى ذلك قتادة. ومعنى الفتنة - ههنا - الضلال، والتقدير وإن كادوا ليفتنونك ليضلوك عن الذي أوحينا إليك، في قول الحسن وأصل الفتنة المحنة التي يطلب بها خلاص الشئ مما لابسه، فطلبوا إخراجه إلى الضلالة. وقوله " لتفتري علينا غيره " اي لتكذب علينا غير ما أوحينا إليك وإن فعلت ذلك لاتخذوك خليلا وديدا. وقوله " ثم لا تجد لك علينا نصيرا " اي لو فعلت الركون إليهم لأذقناك ما قلناه من العذاب، ثم لا تجد لك علينا ناصرا يدفع عنك ما نريد فعله بك.