الآية 195
قوله تعالى: ﴿أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ﴾
القراءة:
قرأ أبو جعفر " يبطشون " ويبطش - بضم الطاء - حيث وقع. الباقون بكسرها. وهما لغتان، والكسر افصح وأكثر. وقرأ " كيدوني " بياء في الحالين الوقف والوصل الحلواني عن هشام ويعقوب وافقهما في الوصل أبو عمرو وأبو جعفر وإسماعيل والداحوني عن هشام. الباقون بغير ياء في الحالين. و " تنظروني " بياء في الحالين عن يعقوب. قال أبو علي الفارسي: الفواصل وما أشبهها من الكلام التام تجري مجرى القوافي لاجتماعهما في أن الفاصلة آخر الآية، كما أن القافية آخر البيت وقد الزموا الحذف في هذا الباب في القوافي كقوله:
فهل يمنعن ارتيادي البلاد * من قدر الموت أن يأتين
والياء التي هي لام الكلمة كذلك نحو قوله:
يلمس الأحلاس في منزله * بيديه كاليهودي المصل (1)
أكد الله تعالى في هذه الآية الحجة على المشركين في أنه لا ينبغي لهم أن يعبدوا هذه الأصنام ولا يتخذونها آلهة، فقال " ألهم أرجل يمشون بها ". لان لفظه وإن كان لفظ الاستفهام، فالمراد به الانكار، اي ليس لهم أرجل يمشون بها ولا لهم أيد يبطشون بها ولا أعين يبصرون بها ولا آذان يسمعون بها، فعرفهم بذلك انهم دون منزلتهم وأن الكفار مفضلون عليهم بما أنعم الله عليهم من هذه الحواس التي لم تؤت الأصنام. وإذا كنتم مفضلين عليها وكنتم أقدر على الأشياء وأعلم، فكيف يجوز لكم ان تتخذوها مع ذلك آلهة لأنفسكم. وقوله تعالى " قل ادعوا شركاء كم ثم كيدون فلا تنظرون " معناه ادعوا هذه الأوثان والأصنام التي تزعمون أنها آلهة وتشركونها في أموالكم فتجعلون لها حظأ من الأموال والمواشي وتوجهون عبادتكم إلهيا أشركا بالله لها. واسألوها ان يضروني وان يكيدوني معكم، ولا تؤخروا ذلك إن قدروا عليه، ومتى لم يتمكنوا من ذلك فتبينوا انها لا تستحق العبادة، لأنها في غاية الضعف والعجز.
1- قائله لبيد. اللسان " لمس " والاحلاس ملازمة المنزل وعدم التدخل بشؤون الدولة. و " المصل " بمعنى الخاسر الذي ليس له شئ في الامر.