الآية 167
قوله تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾
التقدير اذكر يا محمد " إن تأذن ربك " ومعنى تأذن: أعلم، والعرب تقول تعلم أن هذا كذا بمعنى إعلم، قال زهير:
تعلم أن شر الناس حي * ينادي في شعارهم يسار (1)
ويسار اسم عبد. وقال زهير أيضا:
فقلت تعلم أن للصيد غرة * والا تضيعه فإنك قاتله (2)
وقال الزجاج معنى (تأذن) تألا ربك ليبعثن. وقال قوم: معناه امر من اذن يأذن. وقوله: " ليبعثن عليهم إلى يوم القيمة من يسومهم سوء العذاب " قسم من الله تعالى انه يبعث عليهم من يسومهم سوء العذاب اي من يوليهم سوء العذاب. قال أبو جعفر عليه السلام وابن عباس وقتادة وسعيد بن جبير والحسن: أراد به أمة محمد صلى الله عليه اله يأخذون منهم الجزية. فان قيل فقد جعلوا قردة كيف يبقون إلى يوم القيامة؟قلنا: إن الذكر لليهود فمنهم من مسخ فجعل منهم القردة والخنازير ومن بقي قمع بذل من الله، فهم أذلاء بالقتل أو أذلاء باعطاء الجزية، فهم في كل مكان أذل أهله لقوله تعالى " ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس " (3) أي إلا أن يعطوا الذمة والعهد. وفي الآية دليل على أن اليهود لا يكون لهم دولة إلى يوم القيامة ولا عزلهم أيضا وقيل في معنى البعث ههنا قولان:
أحدهما: الامر والاطلاق.
والآخر: التخلية، وإن وقع على وجه المعصية، كما قال تعالى: " أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا " (4). وقوله تعالى: " إن ربك لشديد العقاب " معناه إن ربك يا محمد لسريع العقاب لمن يستوجبه على كفره ومعصيته " وانه لغفور رحيم " اي صفوح عن ذنوب من تاب إليه من معاصيه ورجع إلى طاعته يستر عليهم بعفوه وبفضله رحمة بهم فلا ينبغي لاحد ان يصر ويأمن عقابه بل ينبغي ان يجوز سرعة عقابه فيبادر إلى التوبة والاستغفار.1- الأغاني - دار الثقافة بيروت - 10: 317 الشعار علامة ينصبونها في سفرهم.
2- تفسير القرطي 7: 309. وروايته (تضيعها) بدل (تضيعه).
3- سورة 3 آل عمران آية 112.
4- سورة 19 مريم آية 84.