الآية 161
قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾
القراءة:
قرأ أهل المدينة وابن عامر ويعقوب (يغفر) بالياء وضمها، وفتح الفاء الباقون بالنون وكسر الفاء، وقرأ أهل المدينة ويعقوب (خطيئاتكم) على جمع السلامة ورفع التاء، وقرأ ابن عامر على التوحيد ورفع التاء، وقرأ أبو عمرو (خطاياكم) بغير همز على جمع التكسير، الباقون وهم ابن كثير وأهل الكوفة (خطيأتكم) على جمع السلامة وكسر التاء. من قرأ " يغفر " حمله على قوله تعالى " وإذ قيل لهم " ادخلوا.. يغفر، والتي في البقرة (نغفر) بالنون، فالنون هناك أحسن لقوله " وإذ قلنا " وجاز ههنا بالنون كأنه قيل لهم ادخلوا.. نغفر. أي إن دخلتم غفرنا. ومن قرأ تغفر بالتاء المضمومة فلانه اسند إليها خطيئاتكم وهو مؤنث فأنث وبنى الفعل للمفعول أشبه بما قبله، لان قبله وإذ قيل. ومن قرأ بالنون فلقوله " سنزيد المحسنين " وخطايا جمع خطيئة جمع تكسير (وخطياتكم) مسكنا لأنه يكثر فيه السكون وسميت القرية قرية لأن الماء يقري إليها يقال قريت الماء في الحوض أقريه قريا إذا جمعته. ويجوز أن يكون مشتقا من اجتماع الناس إليها. وقد مضى تفسير مثل هذه الآية في سورة البقرة (1) فلا معنى لإعادته. وإنما نذكر جمل ذلك فنقول: هذا خطاب من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله يقول اذكر يا محمد إذ قيل لبني إسرائيل اسكنوا هذه القرية وهي بيت المقدس على قول الجبائي وغيره من المفسرين وقال الحسين هي ارض الشام. وقال قوم غير ذلك. وقد ذكرنا اختلافهم في سورة البقرة (2) لأنه كان أمرهم بدخولها واخراج من فيها من الكفار وغيرهم ووعدهم ان يوسع عليهم فيها الزرق ويبيحهم ذلك ليأكلوا من حيث شاؤوا ما يريدون من أنواع الأغذية والرزق. وقال لهم: " كلوا من حيث شئتم " على كثرة الرزق والغذاء في هذه القرية وفي كل ناحية منها. وقوله تعالى: " وادخلوا الباب سجدا " يعني متواضعين وكانوا أمروا بأن يدخلوا بابا منه معينا في هذا الموضع كانوا فيه - في قول الجبائي - وقال ذلك قبل دخلوهم إلى بيت المقدس، قال ولم يد ان يدخلوا الباب سجدا منحنين. قال ابن عباس كان هناك باب ضيق أمروا بان يدخلوه ركعا فدخلوه على استاههم. وقيل لهم " قولوا حطة " أي مغفرة، فقالوا حنطة. وذكرنا اختلاف الناس في ذلك. وقوله " وقولوا حطة " معناه قولوا حط عنا ذنوبنا وهو بمنزلة الاستغفار والتوبة. وقوله " نغفر لكم خطاياكم " جواب الامر وفيه معنى الجزاء. والتقدير انكم ان فعلتم ذلك غفرنا لكم خطاياكم. وقوله (سنزيد المحسنين) معناه سنزيد المحسنين منكم نعما وفضلا في الدنيا والآخرة، ولا نقتصر لهم على نعم هذه القرية. ورفع حطة على تقدير مسألتنا حطة ومطلوبنا حطة. وان نصب جاز بمعنى حط عنا حطة. وقوله سجدا نصب على الحال من دخول الباب. وقال أبو علي ليس بحال لدخول الباب، لأنهم بدلوا في حياة موسى.1- آية 58 المجلد 1 / 263.
2- آية 58 المجلد 1 / 263.