الآيات 116-118
قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ، مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾
(ما) في قوله " لما تصف " مصدرية، والتقدير: ولا تقولوا لوصف ألسنتكم الكذب " هذا حلال وهذا حرام " وقال الزجاج: قرئ " الكذب " على إنه نعت الألسنة، يقال لسان كذوب وألسنة كذب، وحكي أيضا بكسر الباء ردا على (ما) وتقديره للذي تصفه ألسنتكم الكذب، وهذا إنما قيل لهم لما كانوا حرموه وأحلوه، فقالوا " ما في بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا " (1) وقد بيناه فيما تقدم. ثم أخبر عن هؤلاء الذين يقولون على الله الكذب بأنهم " لا يفلحون " أي لا ينجون ولا يفوزون بثواب الله. وقوله تعالى " متاع قليل " معناه متاعهم هذا الذي فعلوه وتمتعوا به " متاع قليل " ويجوز في العربية (متاعا) أي يتمتعون بذلك متاعا قليلا " ولهم عذاب أليم " أي في مقابلة ذلك يوم القيامة. وقوله " وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل " يعني ما ذكره في سورة الأنعام في قوله " وعلى الذين هادوا حرمنا.. " (2) الآية، في قول قتادة والحسن وعكرمة. ثم أخبر تعالى أنه لم يظلمهم بذلك ولا يبخسهم حظهم " ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " بكفرهم بنعمة الله وجحودهم لأنبيائه، فاستحقوا بذلك تحريم هذه الأشياء عليهم لتغيير المصلحة عند كفرهم وعصيانهم.
1- سورة الأنعام آية 146، انظر 4: 329 - 332.
2- مر هذا البيت في 1: 142، 2: 188، 4: 496، 5: 512.