الآية 89

قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾

يقول الله تعالى إن اليوم الذي " نبعث في كل أمة شهيدا " اي من يشهد " عليهم من أنفسهم " اي من أمثالهم من البشر. ويجوز أن يكون ذلك نبيهم الذي بعث إليهم، ويجوز ان يكونوا مؤمنين عارفين بالله ونبيه، ويشهدون عليهم بما فعلوه من المعاصي. وفي ذلك دلالة على أن كل عصر لا يخلو ممن يكون قوله حجة على أهل عصره، عدل عند الله، وهو قول الجبائي، وأكثر أهل العدل، وهو قولنا وإن خالفناهم في من هو ذلك العدل والحجة. تفسير التبيان ج 6 م 27 " وجئنا بك " يا محمد " شهيدا " على هؤلاء يعني كفار قريش وغيرهم، من الذين كفروا بنبوته. ثم قال " ونزلنا عليك الكتاب " يعنى القرآن " تبيانا لكل شئ " اي بيانا لكل أمر مشكل. والتبيان والبيان واحد. ومعنى العموم في قوله " لكل شئ " المراد به من أمور الدين: إما بالنص عليه أو الإحالة على ما يوجب العلم من بيان النبي صلى الله عليه وسلم والحجج القائمين مقامه، أو اجماع الأمة أو الاستدلال، لأن هذه الوجوه أصول الدين وطريق موصلة إلى معرفته. وفي الآية دلالة على بطلان قول من قال: الكلام لا يدل على شئ، لان كلام الحكيم يدل من وجهين:

أحدهما: أنه دليل على نفس المعنى الذي يحتاج إليه.

الآخر: أنه دليل على صحة المعنى الذي يحتاج إلى البرهان عليه. ولو لم يكن كذلك لخرج عن الحكمة وجرى مجرى اللغو الذي لا فائدة فيه. وقوله " وهدى ورحمة وبشرى " يعنى القرآن دلالة ورحمة وبشارة للمسلمين بالجنة.