الآية 86-88
قوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأى الَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَاءهُمْ قَالُواْ رَبَّنَا هَؤُلاء شُرَكَآؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْ مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ، وَأَلْقَوْاْ إلى اللّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ، الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ﴾
يقول الله تعالى مخبرا عن حال المشركين والكفار في الآخرة وأنهم إذا رأوا شركاءهم الذين كانوا يعبدونهم من دون الله. وقيل إنما سمعوا " شركاءهم " لامرين:
أحدهما: لأنهم جعلوا لهم نصيبا في أموالهم.
الثاني: لأنهم جعلوهم شركاء في العبادة. ومعنى قوله " هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك " اعتراف منهم على أنفسهم بأنهم كانوا يشركون مع الله غيره في العبادة. وقوله " فالقوا إليهم القول إنكم لكاذبون " قيل في معناه قولان:
أحدهما: ألقى المعبودون القول " انكم لكاذبون " في أنا نستحق العبادة.
الثاني: " انكم لكاذبون " في قولكم إنا دعوناكم إلى العبادة. وقيل: انكم لكاذبون بقولكم إنا آلهة. وإلقاء المعنى إلى النفس إظهاره لها، حتى تدركه متميزا من غيره، فهؤلاء ألقوا القول حتى فهموا عنهم انهم كاذبون. وقوله " وألقوا إلى الله يومئذ السلم " معناه استسلموا بالذل لحكم الله - في قول قتادة - " وضل عنهم ما كانوا يفترون " اي يضل ما كانوا يأملونه ويقدرون من أن آلهتهم تشفع لهم. ثم أخبر تعالى ان الذين يكفرون بالله ويجحدون وحدانيته، ويكذبون رسله، ويصدون غيرهم عن اتباع الحق الذي هو سبيل الله " زدناهم عذابا فوق العذاب ". قال ابن مسعود: أفاعي وعقارب النار لها أنياب كالنخل الطوال جزاءا " بما كانوا يفسدون " في الأرض.