الآيات 84-85
قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ، وَإِذَا رَأى الَّذِينَ ظَلَمُواْ الْعَذَابَ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ﴾
يقول الله تعالى إن اليوم الذي يبعث فيه " من كل أمة شهيدا " يشهد عليهم بكفرهم وضلالهم وجميع معاصيهم هو يوم القيامة، والشهيد في كل أمة رسوله، ويجوز أن يكون قوم من المؤمنين المرضيين عند الله، وإنما يقيم الشهادة عليهم مع أنه عالم بأحوالهم من حيث إن ذلك أهول في النفس وأعظم في تصور الحال، وأشد في الفضيحة إذا قامت به الشهادة بحضرة الملا التي يكون من الله التصديق لها مع جلالة الشهود عند الله بالحق. وقوله " ثم لا يؤذن للذين كفروا، ولا هم يستعتبون " قيل في معناه قولان:
أحدهما: انه لا يؤذن لهم في الاعتذار، على أن الآخرة مواطن: فيها ما يمنعون وفيها ما لا يمنعون.
الثاني: انهم لم يؤذن لهم في الاعتذار بما ينتفعون، ولا يعرضون للعتبى الذي هو الرضا. وقال الجبائي: المعنى ان الله يخلق فيهم العلم الضروري بأنهم ان اعتذروا لم تقبل معذرتهم، وإن استعتبوا لم يعتبوا ولم يرد أنهم لا يؤمرون بالاعتذار، ولا يمكنون منه، لان الامر والتكليف قد زالا عنهم. ثم اخبر تعالى أن الظالمين إذا رأوا العذاب يوم القيامة وشاهدوه، فلا يخفف عنهم ذلك العذاب إذا حصلوا فيه " ولا ينظرون " اي لا يؤخرون إلى وقت آخر، بل عذابهم دائم في جميع الأوقات، ووقت التوبة والندم قد فات.