الآيات 51-52
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ، وَلَهُ مَا فِي الْسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللّهِ تَتَّقُونَ﴾
يقول الله تعالى ناهيا لعباده " لا تتخذوا إلهين اثنين " اي لا تعبدوا مع الله غيره، فتشركوا بينهما في العبادة. ثم اخبر انه إله واحد لا أكثر منه، لان لفظة (إنما) تفيد ثبوت الاله الواحد، ونفي ما زاد عليه على ما بيناه فيما مضى. وقوله " فإياي فارهبون " معناه ارهبوا عقابي وسخطي فلا تتخذوا معي إلها آخر ومعبودا سواي. وفي قوله " اثنين " بعد قوله " إلهين " قولان:
أحدهما: أنه قال ذلك تأكيدا، كما قال " إله واحد " تأكيد ا.
الثاني: أن يكون المعنى لا تتخذوا اثنين إلهين، فقدم وأخر وكلاهما جائزان. وقوله " وله ما في السماوات والأرض " معناه انه يجب علينا ان نتقي عقاب من يملك جميع ما في السماوات والأرض، لأنه مالك الضر والنفع. ومعنى قوله " وله الدين واصبا " قال ابن عباس: يعني دائما اي طاعته واجبة على الدوام، وبه قال الحسن ومجاهد والضحاك وقتادة ابن زيد، ومنه قوله " ولهم عذاب واصب " (1) يقال منه: وصب الدين يصب وصوبا، ووصبا، قال أبو الأسود الدؤلي:
لا أبتغي الحمد القليل بقاؤه * يوما بذم الدهر أجمع واصبا (2)
وقال حسان:
غيرته الريح تسفي به * وهزيم رعده واصب (3)
والوصب الألم الذي يكون عن الاعياء بدوام العمل مدة، يقال: وصب الرجل يوصب وصبا، فهو وصب قال الشاعر:
لا يغمز الساق من أين ولا وصب * ولا يعض على شر سوفه الصفر (4)
وقيل: المعنى وله الطاعة، وإن كان فيها الوصب، وهو الشدة والتعب.
1- تفسير الطبري: 14: 74 وتفسير الشوكاني (الفتح القدير) 3: 160 ومجمع البيان 3: 365.
2- ديوانه (دار بيروت) 21 وتفسير الطبري 14: 74.
3- تفسير الطبري 14: 74.
4- سورة الجمعة آية 8.