الآية 140

قوله تعالى: ﴿قَالَ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾

في هذه الآية إخبار أيضا عما قال موسى لقومه بعد إزرائه على الأصنام وعلى من كان يعبدها وأن ما يفعلونه باطل مهلك: أأطلب غير الله لكم إلها ؟! قاله على وجه الانكار عليهم وإن كان بلفظ الاستفهام، فنصب " أغير الله " على أنه مفعول به، ونصب (إلها) على أحد شيئين:

أحدهما: كأنه قال أأطلب لكم غير الله تعالى معبودا ؟!.

الثاني: أن يكون نصب إلها على أنه مفعول به، ونصب (غير) على الحال التي لو تأخرت كانت صفة. و (بغى) يتعدى إلى مفعولين، وطلب يتعدى إلى مفعول واحد، لان معنى بغي أعطى: بغاه الخير أعطاه الخير، وليس كذلك طلب، لأنه غير مضمن بالمطلوب، وقد يجوز أن يكون بمعنى أبغي لكم. وقوله " وهو فضلكم على العالمين " قيل في معناه قولان:

أحدهما: قال الحسن وأبو علي وغيرهما: يريد على عالمي زمانهم.

الثاني: معناه خصكم بفضائل من النعم بالآيات التي آتاكم، وارسال موسى وهارون، وهما رجلان منكم، ومن إهلاك عدوكم بالتغريق في البحر، ونجاتكم. وكل ذلك بمرءى و؟؟ منكم. والفرق بين التعظيم والتفضيل أن التفضيل يدل على فضل في النفس، وهو زيادة على غيره، وليس كذلك التعظيم، ولذلك جاز وصف الله تعالى بالتعظيم ولم يجز بالتفضيل.