الآية 1
هي مكية إلا آية هي قوله " والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا " الآية. وقال الشعبي: نزلت النحل كلها بمكة إلا قوله " وان عاقبتم " إلى آخرها. وقال قتادة: من أول السورة إلى قوله " كن فيكون " مكي، والباقي مدني. وقال مجاهد: أولها مكي وآخرها مدني، وهي مئة وثمان وعشرون آية ليس فيها خلاف.
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى: ﴿أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾
القراءة:
قرأ نافع وعاصم وأبو عمرو " يشركون " بالياء. وقرأ ابن عامر وابن كثير مثل ذلك. وقرأ حمزة والكسائي بالتاء. من قرأ بالتاء، فلقوله " فلا تستعجلوه " فرد الخطاب الثاني إلى الأول ومن قرأ بالياء قال لان الله أنزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم فقال محمد تنزيها لله " سبحانه وتعالى عما يشركون " وقرأ سعيد بن جبير " أتى أمر الله، فلا تستعجله " وروي عن عباس أنه قال: المشركون قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ائتنا بعذاب الله ان كنت من الصادقين، فقال الله تعالى " أتى امر الله فلا تستعجلوه " وإنما قال " أتى امر الله " ولم يقل يأتي، لان الله تعالى قرب الساعة، فجعلها كلمح البصر، فقال " وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب " (1) وقال " اقتربت الساعة " (2) وكل ما هو آت قريب، فعبر بلفظ الماضي ليكون أبلغ في الموعظة، وإن كان قوله " فلا تستعجلوه " يدل على أنه في معني يأتي، وأمر الله يراد به العذاب - في قول الحسن وابن جريح وغيرهما - وقال الضحاك: معناه فرائضه واحكامه. وقال الجبائي: امره القيامة والأول أصح، لأنهم استعجلوا عذابه دون غيره. والتسبيح في اللغة ينقسم أربعة أقسام:
أحدها: التنزيه مثل قوله " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا " (3) وقال الشاعر:
أقول لما جاءني فخره * سبحان من علقمة الفاخر (4).
والثاني: معنى الاستثناء كقوله " لولا تسبحون " (5) أي هلا تستثنون.
الثالث: الصلاة كقوله " فلولا انه كان من المسبحين " (6).
الرابع: النور، جاء في الحديث (فلولا سبحان وجهه) أي نوره ومعنى " تعالى ": تعاظم بأعلى صفات المدح عن أن يكون له شريك في العبادة، وجميع صفات النقص منتفية عنه.
1- سورة القمر آية 1.
2- سورة الاسرى آية 1.
3- مر هذا الشعر في 1: 134، 3: 81، 5: 241، 395.
4- سورة القلم اية 28.
5- سورة الصافات آية 143.
6- سورة الحجر آية 9.