الآية 105

قوله تعالى: ﴿حَقِيقٌ عَلَى أَن لاَّ أَقُولَ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾

القراءة:

قرأ نافع وحده " حقيق علي " بتشديد الياء. الباقون بتخفيف الياء. فمن قرأ بالتشديد قال تقديره: واجب علي ان لا أقول. ومن خفف فعلى تقدير: حريص على أن لا أقول، قال أبو علي قوله " حقيق " يحتمل وجهين:

أحدهما: ان (حق) الذي هو (فعل) قد تعدى ب? " على " قال الله " فحق علينا قول ربنا " (1) وقال " فحق عليها القول " (2) فحقيق يصل ب? (على) من هذا الوجه.

الثاني: ان حقيقا بمعنى واجب، فكما ان واجب يتعدى ب (على) كذلك تعدى حقيق بها. ومن لم يشدد أجاز تعديه ب? (على) من الوجهين اللذين ذكرناهما، وقد قالوا: هو حقيق بكذا، فيجوز على هذا أن تكون (على) بمعنى الباء فتوضع (على) موضع الباء، قال أبو الحسن: كما قال " ولا تقعدوا بكل صراط توعدون " (3) والمعنى (على) قال أبو علي: والأول أحسنها، لان أبا الحسن قال: لان (على) بمعنى الباء ليس بمقيس ألا ترى انك لو قلت ذهبت على زيد تريد بزيد لم يجز، وقال: وجاز في الآية لان القراءة وردت به، وتقدير " حقيق على أن لا أقول " حقيق بأن لا أقول قال الفراء: العرب تقول: رميت على القوس وبالقوس وجئت على حال حسنة وبحال حسنة، ومعناهما متقارب، لأنه مستقل على القول بالنظر حتى يؤديه على الحق فيه. والحق أيضا منعقد بالقول فيه لا ينفك. وقوله " الا الحق " نصب بأنه مفعول القول على غير الحكاية بل على معنى الترجمة عن المعنى دون حكاية اللفظ. وقوله " قد جئتكم ببينة من ربكم " خطاب من موسى لقومه أنه قد جاء قومه بدلائل من ربه عز وجل. وقوله " فأرسل معي بني إسرائيل " خطاب من موسى لفرعون، وأمره إياه أن يخلي عن بني إسرائيل من اعتقاله، لأنه كان قد اعتقلهم للاستخدام في الاعمال الشاقة من نحو ضرب اللبن ونقل التراب وما أشبه ذلك. ومعنى الآية البيان عن وجوب اتباع موسى (ع) لمكان الأدلة التي تشهد بصدقه، وبأنه لا يقول على الله الا الحق ولا يدعو الا إلى الرشد.


1- سورة 37 الصافات آية 31.

2- سورة 17 الاسرى آية 16.

3- سورة 7 الأعراف آية 85.