الآية 101

الآية 101

قوله تعالى: ﴿تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ﴾

اخبر الله تعالى عن أهل القرى التي ذكرها وقص خبرها وأشار ب? (تلك) إليها، لأنه خاطب النبي صلى الله عليه وآله. وقوله " نقص عليك من أنبائها " يعني قصص انباء القرى ما فيه من الاعتبار بما كانوا عليه من الاغترار بطول الامهال مع اسباغ النعم وتظاهر المنن حتى توهموا أنهم على صواب فيما دعاهم إليه الشيطان من قبح الطغيان. والقصص اتباع الحديث، ويقال فلان يقص الأثر أي يتبعه ومنه " قالت لأخته قصيه " (1) أي اتبعي اثره، ومنه المقص لأنه يتبع في القطع أثر القطع. و (النبأ) هو الخبر الا ان النبأ خبر عن امر عظيم الشأن وأخذ منه اسم نبي، ويقال: أنبأ بكذا بمعنى اخبر به. وقوله " ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات " يعني أتتهم رسلهم بالآيات والدلالات، وإنما أضاف الرسل إليهم مع أنهم رسل الله، لان الاختصاص فيها على طريقة الملك إذ المرسل مالك لرسالته، وقد ملك العباد الانتفاع بها والاهتداء بما فيها من البيان والبرهان. وقوله " فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل " قيل في معناه قولان:

أحدهما: انه بمنزلة قوله " ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه " في قول مجاهد أي انا لم نهلكهم الا وفى معلومنا أنهم لا يؤمنون.

الثاني: ان عتوهم في كفرهم وتمردهم فيه يحملهم على أن لا يتركوه إلى الايمان - في قول الحسن والجبائي - فالآية على هذا مخصوصة بمن علم من حاله انه لا يؤمن. وقال الأخفش " بما كذبوا " معناه بتكذيبهم فجعل (ما) مصدرية. والمعنى لم يكونوا ليؤمنوا بالتكذيب. وقوله " كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين " وجه التشبيه فيه أن دلالته على أنهم لا يؤمنون ذما بأنهم لا يفلحون كالطبع على قلوب الكافرين الذين في مثل صفتهم في المعلوم.


1- سورة 28 القصص آية 11.