الآيات 49-50

قوله تعالى: ﴿وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ، سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ﴾

يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم انك يا محمد ترى الذين أجرموا وفعلوا المعاصي، من الكفر وجحد النعم، يوم القيامة " مقرنين في الأصفاد " اي قرنت أيديهم بالغل إلى أعناقهم. وقال الجبائي: قرن بعضهم إلى بعض، والصفد الغل الذي يقرن به اليد إلى العنق، ويجوز أن يكون السلسلة التي يقع بها التقرين، وأصل الصفد القيد، وهو الصغاد، وجمعه صفد، قال عمرو بن كلثوم:

فآبوا بالنهاب وبالسبايا * وأبناء الملوك مصفدينا (1)

اي مقيدين، ومنه أصفدته اصفادا، إذا أعطيته مالا، قال الأعشى:

تضيفته يوما فأكرم مجلسي * وأصفدني عند الزمانة قائا (2)

وقال الذبياني:

هذا الثناء فان تسمع لقائله * فما عرضت أبيت اللعن بالصفد (3)

اي ما تعطيه: وإنما قيل لها: صفد، لأنها تقيد المودة وترتبطها. وقال قتادة: الأصفاد القيود والاغلال، والسرابيل القميص - في قول ابن زيد - واحدها سربال، قال امرؤ القيس: لعوب تنسيني إذا قمت سربالي (4) و (القطران) هو الذي تهنأ به الإبل - في قول الحسن - وفيه لغات، قطران بفتح القاف وكسر الطاء، وبتسكين الطاء وكسر القاف. ويجوز فتحها، قال أبو النجم:

جون كأن العرق المنتوحا * ألبسه القطران والمسوحا (5)

فكسر القاف وقال أيضا:

كان قطرانا إذا تلاها * ترمي به الريح إلى مجراها (6)

وإنما جعلت سرابيلهم من قطران، لان النار تسرع إليها، وقرئ " قطرآن " وروي ذلك عن ابن عباس، والقطر النحاس ومنه قوله " اتوني أفرغ عليه قطرا " (7) والمعنى من قطر بالغ حره، انتهي. والقراء على أنه اسم واحد على وزن الظربان، والظربان دابة منتنة فساءة، وهي من السباع " وتغشى وجوههم " معناه تجللها.


1- تفسير الشوكاني (الفتح القدير) 3: 113 ومجمع البيان 3: 223.

2- ديوانه (دار بيروت) 44 وروايته (فقرب مقعدي) بدل (فأكرم مجلسي). وهو في مجمع البيان 3: 323 ومجاز القرآن 1: 345 وتفسير الطبري 13: 152.

3- ديوانه (دار بيروت) 37 وروايته: هذا الثناء فان تسمع به حسنا * فلم أعرض أبيت اللعن بالصفد.

4- ديوانه (الطبعة الرابعة سنة 1959) 160 وصدره: ومثلك بيضاء العوارض طفلة.

5- مجمع البيان 3: 323 وتفسير الطبري (الطبعة الأولى) 13: 153.

6- مجمع البيان 3: 323 وتفسير الطبري (الطبعة الأولى) 13: 153.

7- سورة الكهف اية 97.