الآية 44
قوله تعالى: ﴿وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ﴾
امر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ان يقول للناس على وجه التخويف لهم من عقابه، ويحذرهم يوم يجيئهم العذاب من الله على معاصيهم في دار الدنيا، وهو يوم القيامة، ويقول " الذين ظلموا " نفوسهم بارتكاب المعاصي وترك الواجبات يا " ربنا أخرنا إلى أجل قريب " أي ردنا إلى الدنيا واجعل ذلك مدة قريبة نجب دعوتك فيها ونتبع رسلك فيما يدعوننا إليه، فيقول الله تعالى " أو لم تكونوا أقسمتم " وحلفتم في دار الدنيا " ما لكم من زوال ". قال مجاهد: معناه إنهم اقسموا في الدنيا أنه ليس لهم انتقال من الدنيا إلى الآخرة. وقال الحسن: معناه " من زوال " إلى العذاب. والأجل الوقت المضروب لانقضاء الأمد، والأمد مدة من المدد، فإنما طلبوا أجلا يستدركون فيه ما فات من الفساد بالصلاح، وفي المعلوم أنهم يبعدون من الفلاح. وفي الآية دلالة على أن أهل الآخرة غير مكلفين بخلاف ما يقول النجار وجماعة من المجبرة، لأنهم لو كانوا مكلفين لما كان لقوله " آخرنا إلى اجل قريب " معنى، لأنهم مكلفون، وكانوا يؤمنون ويتخلصون من العقاب. وقوله " فيقول " رفع عطفا على قوله " يوم يأتيهم العذاب " وليس بجواب الامر لأنه لو كان جوابا له لجاز فيه النصب والرفع، فالنصب مثل قول الشاعر:
يا ناق سيري عنقا فسيحا * إلى سليمان فنستريحا (1)
والرفع على الاستئناف وذكر الفراء ان العلاء بن سبابة كان لا ينصب في جواب الامر بالفاء قال: والعلاء هو الذي علم معاذا ولهوا وأصحابه.
1- تفسير الطبري 13: 144 ومجمع البيان 3: 320 وأكثر كتب النحو يشتهدون به على اضمار (أن) بعد الفاء المسوقة بطلب.