الآية 5

قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾

آية في الكوفي والبصري. وآيتان في المدنيين. آخر الأولى " إلى النور ". أخبر الله تعالى انه ارسل موسى نبيه (ع) إلى خلقه بآياته ودلالاته " أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور " اي أرسلناه بأن أخرج قومك من ظلمات الكفر والضلالة إلى نور الايمان والهداية بالدعاء لهم إلى فعل الايمان، والنهي عن الكفر والتنبيه على أدلته. " وذكرهم بأيام الله " قيل في معناه قولان:

أحدهما: قال الحسن ومجاهد وقتادة وسعيد بن جبير: ذكرهم بنعم الله.

الثاني: ذكرهم بنعم الله لعاد وثمود وغيرهم من الأمم الضالة، قال عمر بن كلثوم:

وأيام لنا غر طوال * عصينا الملك فيها ان ندينا (1)

وقيل: النعم والنقم من أعدائنا. وقال قوم: أراد خوفهم بهذا، كما يقال: خذه بالشدة واللين. ثم أخبر ان في ذلك دلالات لكل من صبر على بلاء الله وشكره على نعمه. والتذكير التعريض للذكر الذي هو خلاف السهو، يقال: ذكره تذكيرا، وذكره يذكره ذكرا، وتذكر تذكرا، وذاكره مذاكرة. والصبار الكثير الصبر، والصبر حبس النفس عما تنازع إليه مما لا ينبغي. والشكور الكثير الشكر. والشكر هو الاعتراف بالنعمة مع ضرب من التعظيم، وضده الكفر. (وان) في قوله " أن اخراج " يحتمل أن تكون بمعنى (أي) على وجه التفسير، ويجوز أن تكون التي تتعلق بالافعال والمعنى قلنا له: اخرج قومك. وقال سيبويه يقول العرب: كتبت إليه أن قم، وأمرته أن قم، وان شئت كانت (أن) التي وصلت بالامر. والتأويل على الخبر. والمعنى كتبت إليه ان يقوم وأمرته أن يقوم إلا انها وصلت بلفظ الامر المخاطب، والمعنى معنى الخبر، كما تقول أنت الذي فعلت. والمعنى أنت الذي فعل.


1- هذا البيت من معلقته الشهيرة. المعلقات السبع (دار بيروت) 123 وتفسير الطبري (الطبعة الأولى) 13: 107 ومجمع البيان 3: 304 وقد مر في 1: 36 من هذا الكتاب.