الآية 29
قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ﴾
يحتمل قوله " الذين آمنوا وعملوا الصالحات " أن يكون في موضع نصب بأن يكون من صفة " الذين " في الآية الأولى، ويحتمل أن يكون رفعا بالابتداء، فكأنه أخبر ان الذين يؤمنون بالله ويعترفون بوحدانيته ويصدقون نبيه، ويعملون بما أوجبه عليهم من الطاعات، ويجتنبون ما نهاهم عنه من المعاصي " طوبى لهم " وقيل في معناه عشرة أقوال:
أحدها: لهم بطيب العيش.
وثانيها: قال ابن عباس: معناه فرح لهم تقربه أعينهم.
وثالثها: قال قتادة: معناه الحسنى لهم.
ورابعها: قال عكرمة: نعم ما لهم.
وخامسها: قال الضحاك: غبطة لهم.
وسادسها: قال إبراهيم: كرامة لهم من الله.
وسابعها: قال مجاهد: الجنة لهم.
وثامنها: قال أبو هريرة: طوبى شجرة في الجنة.
وتاسعها: قال الجبائي: تأنيث الأطيب من صفة الجنة، والمعنى إنها أطيب الأشياء لهم.
وعاشرها: قال الزجاج: المعنى العيش الأطيب لهم. وهذه الأقوال متقاربة المعنى. وقوله " وحسن مآب " فالمآب المرجع يقال: آب يؤب أوبا ومآبا إذا رجع، وسمي المثوى في الآخرة مآبا، ومنقلبا، لان العباد يصيرون إليه، كما يصيرون إلى ما كانوا انصرفوا عنه، والحسن النفع الذي يتقبله العقل، وقد يجري على ما تتقبله النفس، كما يجري القبح الذي هو نقيضه على ما ينافره الطبع، والمعنى إن لهم طوبى ولهم حسن مآب، و " طوبى " في موضع رفع " وحسن مآب " عطف عليه ويجوز أن يكون موضعه النصب، وينصب " حسن مآب " على الاتباع كما يجوز الحمد لله، ولم يقرأ به.