الآية 102
قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ﴾
هذا خطاب من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال له " ذلك " يعنى الذي أخبرناك به من أخبار ما يعظم شأنه، لان الانباء هي الاخبار بما له شأن. ومنه قولهم: لهذا نبأ اي شأن عظيم. و (الغيب) ذهاب الشئ عن الحس، ومنه " عالم الغيب والشهادة " (1) اي عالم بما غاب عن الحواس، وبما حضرها " نوحيه إليك " اي نلقيه. والايحاء إنهاء المعنى إلى النفس، فقد أفهم الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم تلك المعاني بانزال الملك بها عليه. وقوله " وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم " اي لم تحضرهم حين عزموا على أمورهم. وإجماع الامر هو اجتماع الرأي على الامر بالعزم عليه والمكر: فتل الحيل عن الامر، واصل المكر من قولهم: ساق ممكورة اي مفتولة ومثله الخديعة، وكان مكرهم بيوسف إلقاؤهم إياه في غيابت الجب - في قول ابن عباس والحسن وقتادة وقال الجبائي: كان مكرهم احتيالهم في امر يوسف حين القوة في الجب. وإنما قال ذلك لنبيه، لأنه لم يكن ممن قرأ الكتب ولا خالط أهلها وإنما اعلمه الله تعالى ذلك بوحي من جهته ليدل بذلك على نبوته، وانه صادق على الله تعالى.
1- سورة الأنعام آية 73، والتوبة آية 94، 105 والرعد 10 والمؤمنون 93 والم السجدة 6 والزمر 46 والحشر 22 التغابن 18.