الآية 81
قوله تعالى: ﴿ارْجِعُواْ إلى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ﴾
وهذا اخبار من الله تعالى بما قال أحدهم المتخلف عنهم بمصر، فإنه قال لاخوته الباقين ارجعوا إلى أبيكم. ويحتمل أن يكون حكاية عما قال اخوة يوسف بعضهم لبعض، فإنهم قالوا ارجعوا إلى أبيكم. وقوله " يا أبانا ان ابنك سرق " يعنون ابن يامين، على ما ظهر لنا من الامر ولا نشهد الا بما علمنا من الظاهر، فأما الغيب والباطن فلا نعلمه ولا نحفظه. وقيل ما شهدنا إلا بما علمنا في قولنا لهم إن من يسرق يستعبد، لان ذلك متقرر عندنا في شرعنا - ذكره ابن زيد - والشهادة خبر عن مشاهدة أو اقرار أو حال ويجوز أن يشهد الانسان بما علمه من جهة الدليل كشهادتنا بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وقال الرماني: علم الغيب هو علم من لو شاهد الشئ لشاهده بنفسه لا بأمر يستفيده. والعالم بهذا المعنى هو الله وحده تعالى. وقيل في معنى قوله " وما كنا للغيب حافظين " قولان:
أحدهما: ما كنا نشعر ان ابنك سيسرق، في قول الحسن ومجاهد وقتادة.
والثاني: انا لا ندري باطن الامر في السرقة، وهو الأقوى. وروي عن ابن عباس وقراءة الكسائي في رواية قتيبة عنه " سرق " بتشديد الراء على ما لم يسم فاعله، ومعناه انه قذف بالسرقة، واختار الجبائي هذه القراءة. قال لأنها ابعد من أن يكونوا أخبروا بما لم يعلموا.