الآية 84

قوله تعالى: ﴿وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ﴾

هذا إخبار عن هؤلاء الذين آمنوا من النصارى بأنهم قالوا: " ومالنا " قال الزجاج: وهو جواب لمن قال لهم من قومهم معنفين لهم: لم آمنتم. وقال غيره: قدروا في أنفسهم كأن سائلا يسألهم عنه، فأجابوا بذلك. وقوله " لا نؤمن " في موضع نصب على الحال، وتقديره أي شئ لنا تاركين للايمان أي في حال تركنا للايمان. والايمان هو التصديق عن ثقة، لان الصدق راجع إلى طمأنينة القلب بما صدق به. والحق هو الشئ الذي من عمل عليه نجا، ومن عمل على ضده من الباطل هلك. ومعنى (من) - هاهنا - قيل في معناه قولان:

أحدهما: تبيين الإضافة التي تقوم مقام الصفة، كأنه قيل: والجائي لنا الذي هو حق.

وقال آخرون: إنها للتبعيض لأنهم آمنوا بالذي جاءهم على التفصيل. ووصف القرآن بأنه (جاء) مجاز، كما قيل: نزل، ومعناه نزل به الملك، فكذلك جاء به الملك. ويقال: جاء بمعنى حدث نحو " جاءت سكرت الموت " (1) وجاء البرد والحر. وقوله " ونطمع " فالطمع تعلق النفس بما يقوى أن يكون من معنى المحبوب، ونظيره الامل والرجاء فالطمع يكون معه الخوف أو لا يكون. " أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين " معناه أن يدخلنا معهم الجنة. والصالح هو الذي يعمل الصلاح في نفسه وإذا عمله في غيره فهو مصلح، فلذلك لم يوصف الله تعالى بأنه صالح ووصف بأنه مصلح.


1- سورة 50 ق آية 19.