الآية 65

قوله تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾

النزول:

روي عن ابن عباس، والحسن، وقتادة والسدي أن أحبار اليهود ونصارى نجران اجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وآله فتنازعوا في إبراهيم، فقالت اليهود: ما كان إلا يهوديا. وقالت النصارى ما كان إلا نصرانيا، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

اللغة:

وقوله: " لم تحاجون " فالحجاج، والمحاجة واحد، وهو الجدال أما بحجة أو شبهة، وقد يسمى الجدال بابهام الحجة حجاجا، وعلى ذلك كان أهل الكتاب في ادعائهم لإبراهيم، لأنهم أو هموا صحة الدعوى من غير سلوك لطريق الهدى ولا تعلق بما يظن به صحة المعنى. وأما الحجة فهو البيان الذي يشهد لصحة المقالة، وهي والدلالة بمعنى واحد. والفرق بين الحجاج والجدال أن الحجاج يتضمن اما بحجة أو شبهة أو ابهام في الحقيقة، لان أصله من الجدل، وهو شدة الفتل.

المعنى:

وقوله: (أفلا تعقلون) معناه أفلا تعقلون فساد هذه الدعوى إذ العقل يمنع من الإقامة؟دعوى بغير حجة، فكيف بما قد علم، وظهر فساده بالمناقضة. وفي ذلك دلالة على أن العاقل لا يعذر في الإقامة على الدعوى من غير حجة، لما فيه من البيان عن الفساد والانتقاض. ولان العقل طريق العلم، فكيف يضل عن الرشد من قد جعل الله إليه السبيل!.