الآية 4

قوله تعالى: ﴿مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ﴾

المعنى:

قوله: " من قبل " أي من قبل إنزال الكتاب فلما قطعه عن الإضافة نبأه على الضم. وقوله: " هدى للناس " أي بيانا ودلالة لهم، وفي ذلك دلالة على أن الله تعالى هدى الكافر إلى الايمان، كما هدى المؤمن بقوله " للناس "، بخلاف ما تقوله المجبرة: إن الله ما هدى الكافر، وموضع (هدى) نصب على الحال من الكتاب وقوله: (وأنزل الفرقان) يعني به القرآن وإنما كرر ذلك لما اختلفت دلالات صفاته وإن كانت لموصوف واحد لان لكل صفة منها فائدة غير الأخرى لان الفرقان هو الذي يفرق به بين الحق والباطل فيما يحتاج إليه من أمور الدين في الحجج، والاحكام، وذلك كله في القرآن وقيل أراد بالفرقان النصر ووصفه بالكتاب يفيد ان من شأنه أن يكتب. وقد بينا لذلك نظائر في الشعر وغيره في ما تقدم. وقوله: (إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد) قرن بالوعيد لما بين الله الحجج الدالة على توحيده، وصفاته: أعقب ذلك بوعيد من يخالف في ذلك ويجحده ليتكامل به التكليف. وقوله: (والله عزيز ذو انتقام) معناه أنه قادر لا يتمكن أحد من منعه من عذاب من يريد عذابه لأنه " عزير ذو انتقام " وإنما كان منيعا لأنه قادر لنفسه لا يعجزه شئ.

اللغة:

وأصل الاعزاز الامتناع، ومنه أرض عزاز ممتنعة السكون لصعوبتها، ومنه قولهم من عز، بز: أي من غلب سلب لان الغالب يمتنع من الضيم، والنقمة، العقوبة: نقم ينقم نقما ونقمة ويقال نقمت، ونقمت عليه أي أردت له عقوبة، وانتقم منه انتقاما أي عاقبه عقابا وأصل الباب: العقوبة. ومنه النعمة خلاف النقمة.