الآيات 11-12
قوله تعالى: ﴿فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا، ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا﴾
يقول الله تعالى " فضربنا على آذانهم في الكهف " يعني بالنوم، كما يقول القائل لآخر: ضربك الله بالفالج بمعنى أبلاك الله به. وقيل معناه منعناهم أن يسمعوا، والمعنى انمناهم. وقوله " سنين عددا " معناه سنين معدودة. ونصب (سنين) على الظرف بقوله " فضربنا " و " عددا " بمعنى معدود، والعد المصدر ومثله نقضت الشئ نقضا، والمنقوض نقض، وكذلك قبضته قبضا، والمقبوض قبض. وقوله تعالى " ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا " معناه بعثنا هؤلاء الفتية الذين أووا إلى الكهف بعد ما ضربنا على آذانهم فيه سنين عددا، من رقدتهم لينظر عبادي فيعلموا بالبعث أي الطائفتين اللتين اختلفتا في قدر مبلغ مكث الفتية في كهفهم رقودا " أحصى لما لبثوا " بمعنى أصوب لقدر لبثهم فيه أمدا. والأمد الغاية قال النابغة:
ألا لمثلك أو من أنت سابقه * سبق الجواد إذا استولى على الأمد (1)
وقال قوم: الحزبان جميعا كانا كافرين. وقال آخرون: كان أحدهما مسلما والآخر كافرا، فالأول قول مجاهد. وقال: الحزبان من قوم الفتية. وقال قتادة: أحدهما كان كافرا، والآخر كان مؤمنا، ولم يكن لواحد منهما عليم بمقدار زمان لبثهم. وقال قوم: الحزبان هم أصحاب الكهف اختلفوا في مدة لبثهم. وقال قوم: أحد الحزبين أصحاب الكهف، والآخر أصحابهم وقومهم. ومعنى " أمدا " قال ابن عباس يعني بعيدا. وقال مجاهد: يعني عددا. ويحتمل نصب " أمدا " وجهين:
أحدهما: التمييز في قوله (أحصى) كأنه قال أي الحزبين أصوب عددا.
الثاني: أن يكون نصبا بوقوع قوله " لبثوا " عليه، كأنه قال: أي الحزبين أحصى للبثهم غاية أي في الأمد. والفتية جمع فتى مثل صبي وصبية وغلام وغلمة.
1- قائله الأحوص. مجاز القرآن 1 / 394 والكامل للمبرد 49 وتفسير الطبري 15 / 128 واللسان والتاج (شطط).