الآية 52
الآية 52
قوله تعالى: ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾
هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وآله أعلمه الله أنه يرى الذين في قلوبهم مرض أي شك ونفاق " يقولون " في موضع الحال، وتقديره قائلين نخشى أن تصيبنا دائرة. الذين يخشون أن تصيبهم دائرة قيل فيه قولان:
أحدهما: قال مجاهد وقتادة والسدي وأبو علي الجبائي: إنهم قوم من المنافقين. وقال عطية بن سعد وعبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت: إنه عبد الله ابن أبي بن سلول. و " الدائرة " الدولة التي تحول إلى من كانت له عمن هي في يديه، قال الشاعر:
ترد عنك القدر المقدروا * ودائرة الدهر أن تدورا (1)
يعني دول الدهر الدائرة من قوم إلى قوم. وقوله " فعسى الله أن يأتي بالفتح " عسى موضوعة في اللغة للشك وهي من الله تعالى تفيد الوجوب، لان الكريم إذا أطمع في خير يفعله، فهو بمنزلة الوعد به في تعلق النفس به وإرجائها له، ولذلك حق لا يضيع ومنزلة لا تخيب. والفتح القضاء والفصل - وهو قول قتادة - ومنه قوله " افتح بيننا وبين قومنا بالحق " (2) وقال أبو علي هو فتح بلاد المشركين على المسلمين وقال السدي: هو فتح مكة. ويقال للحاكم الفتاح، لأنه يفتح الحكم ويفصل به الامر. وقوله " أو أمر من عنده " قيل فيه ثلاثة أقوال: قال السدي: هو تجديد أمر فيه إذلال المشركين وعز للمؤمنين، وقيل هو الجزية. وقيل: هو اظهار نفاق المنافقين مع الامر بقتلهم في قول الحسن والزجاج. وقال أبو علي: هو أمر دون الفتح الأعظم أو موت هذا المنافق، لأنه إذا أتى الله المؤمنين ذلك ندم المنافقون والكفار على تقويتهم بأنفسهم ذلك، وكذلك إذا ماتوا أو تحققوا ما يصيرون إليه من العقاب ندموا على ما فعلوه في الدنيا من الكفر والنفاق.1- مجاز القرآن 1: 169 وتفسير الطبري 10: 404.
2- سورة 7 الأعراف آية 88.