الآية 21
قوله تعالى: ﴿يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ﴾
هذه حكاية عن موسى (ع) أنه خاطب قومه وأمرهم بالدخول إلى الأرض المقدسة وهي: بيت المقدس على قول ابن عباس، وابن زيد، والسدي وأبي علي. وقال الزجاج والفراء: هي دمشق وفلسطين وبعض الأردن. قال الفراء بتشديد النون - وقال قتادة: هي الشام. وقال مجاهد هي أرض الطور. والمقدسة في اللغة: المطهرة. وقيل: إنها طهرت من الشرك وجعلت مسكنا وقرارا للأنبياء والمؤمنين، والأصل التقديس، وهو التطهير، ومنه قيل للسطل الذي يتطهر منه: القدس. وقيل: بيت المقدس لأنه يطهر من الذنوب. ومنه تسبيح الله وتقديسه سبوح قدوس، وهو تنزيهه عما لا يجوز عليه من نحو الصحابة والولد والظلم والكذب. وقوله: " كتب الله لكم " يعني في اللوح المحفوظ. فان قيل: كيف كتب الله لهم مع قوله " فإنها محرمة عليهم "؟قلنا عنه جوابان:
أحدهما: قال ابن إسحاق: إنها كانت هبة من الله لهم ثم حرمهم إياها.
الثاني: إن ظاهر ذلك يقتضي العموم بأن الله كتب لهم، فلما قال " إنها محرمة عليهم أربعين سنة " استثنى ذلك من جملته. ويحتمل أن يكون المراد انها يدخلها قوم منهم. وقيل: ان القوم الذين كتب لهم دخولها غير الذين حرم عليهم، والذين كتب لهم دخولها مع يوشع بن نون بعد موت موسى بشهرين. وقوله: " ولا ترتدوا على أدباركم " فيه قولان:
أحدهما: لا ترجعوا عن طاعة الله إلى معصيته - في قول أبي علي.
الثاني: لا ترجعوا عن الأرض التي أمرتم بدخولها. وقوله " فتنقلبوا خاسرين " قيل في معناه قولان:
أحدهما: أنه كان فرض عليهم دخولها كما فرضت الصلاة والصوم والزكاة والحج، فلما لم يفعلوا فقد خسروا الثواب. هذا قول قتادة والسدي.
الثاني: أنه أراد بذلك خسران حظهم كالخسران في البيع بذهاب رأس المال. وخاسرين نصب على الحال، والعامل فيه " فتنقلبوا " دون قوله " ولا ترتدوا ".