الآيات 26-30

قوله تعالى: ﴿قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ، قُلْ أَرُونِي الَّذِينَ أَلْحَقْتُم بِهِ شُرَكَاء كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ، وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ، قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ لَّا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ﴾

لما امر الله تعالى نبيه ان يخاطب الكفار ويقول لهم ان كل إنسان يسئل عما عمله دون ما عمل غيره، قال له أيضا ﴿ قل ﴾ لهم ﴿ يجمع بيننا ربنا ﴾ يوم القيامة ﴿ ثم يفتح بيننا ﴾ اي يحكم والفتح الحكم، والفتاح الحاكم بالحق، لا بالظلم ﴿ وهو الفتاح ﴾ أي الحاكم ﴿ العليم ﴾ بما يحكم به لا يخفى عليه شئ منه. ثم قال ﴿ قل أروني الذين ألحقتم به شركاء ﴾ تعبدونهم معه وتشركون بينهم في العبادة على وجه التوبيخ لهم في ما اعتقدوه من الاشراك مع الله، كما يقول القائل لمن أفسد عملا: أرني ما عملته توبيخا له بما أفسده، فإنهم سيفتضحون بذلك إذا أشاروا إلى الأصنام والأوثان ويضمونها إلى الله ويشركون بينهما في العبادة فقال تعالى ﴿ كلا ﴾ ومعناه الردع والتنبيه أي ارتدعوا عن هذا القول وتنبهوا عن ضلالكم ﴿ بل هو الله ﴾ الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له ﴿ العزيز ﴾ يعني القادر الذي لا يغالب ﴿ الحكيم ﴾ في جميع افعاله. وقيل ﴿ العزيز ﴾ في انتقامه ممن كفر به ﴿ الحكيم ﴾ في تدبيره لخلقه، فكيف يكون له شريك في ملكه. ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله ﴿ وما أرسلناك ﴾ يا محمد بالرسالة التي حملناكها ﴿ إلا كافة ﴾ ومعناه أرسلناك إلى الخلق كافة بأجمعهم. وقيل: معناه إلا مانعا لهم وكافا لهم من الشرك ودخلت الهاء للمبالغة ﴿ للناس بشيرا ﴾ لهم بالجنة اي مبشرا بها ﴿ ونذيرا ﴾ أي مخوفا بالنار ﴿ ولكن أكثر الناس لا يعلمون ﴾ صدق قولك وإنك رسول إليهم، لتفريطهم في النظر في معجزك. ثم حكى عن الكفار انهم يستبطئون العذاب الذي يخوفهم به النبي صلى الله عليه وآله والمؤمنون، فإنهم كانوا يحذرونهم نزول العذاب عليهم ﴿ ويقولون متى هذا الوعد ﴾ الذي تعدونا به ﴿ إن كنتم صادقين ﴾ في ما تقولونه معاشر المؤمنين ثم امره ان يقول لهم في الجواب عن ذلك ﴿ قل لكم ميعاد يوم ﴾ ينزل عليكم ما وعدتم به من الثواب والعقاب ﴿ لا تستأخرون عنه ساعة ﴾ أي لا تؤخرون من ذلك اليوم لحظة ﴿ ولا تستقدمون ﴾ عليه، وهو يوم القيامة.