الآية 95
قوله تعالى: ﴿كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ﴾
شبه الله تعالى هلاك قوم شعيب وانقطاع آثارهم منها بحالهم لو لم يكونوا فيها يقال: غنى بالمكان إذا أقام به على وجه الاستغناء به عن غيره. واتخاذه وطنا ومأوى يأوي إليه، ولذلك قيل للمنازل المغاني، وإنما شبه حالهم بحال ثمود خاصة، لأنهم أهلكوا بالصيحة كما أهلكت ثمود مثل ذلك مع الرجفة. وقوله " ألا بعدا لمدين " دعاء عليهم بانتفاء الرحمة عنهم كما أهلك الله تعالى ثمود، فلم يرحمهم، وجعل انتفاء الرحمة بعدا من الرحمة، لأنه أظهر فيما يتصور فكأنهم يرونها حسرة لأنها لا تصل إليهم منها منفعة لما يحصلون عليه من مضرة الحسرة، و (كأن) هذه يحتمل أن تكون مخففة من الثقيلة على أن يضمر فيها، كالاضمار في (ان) من قوله " وآخر دعواهم ان الحمد لله رب العالمين " (1) ويجوز أن تكون (ان) التي تنصب الفعل بمعنى المصدر. وبعدت وبعدت بالكسر والضم لغتان. وكانت العرب تذهب بالرفع إلى التباعد، وبالكسر إلى الدعاء، وهما واحدا. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي كما بعدت بضم العين. والآخر بعدا فنصب على المصدر، وتقديره ألا أهلكهم الله فبعدوا بعدا.
1- سورة يونس آية. 1.