الآية 210
الآية 210
قوله تعالى: ﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الامُورُ﴾
القراءة:
قرأ أبو جعفر " والملائكة " بالخفض. والباقون بضمها. وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي " ترجع الأمور " بفتح التاء. الباقون بضمها.
المعنى:
الظلل: جمع ظلة. ومعنى الآية أن يأتيهم عذاب الله، وما توعدهم به على معصيته، كما قال: " فآتاهم الله من حيث لم يحتسبوا " (1) أي آتاهم خذلانه إياهم. والمختار عند أهل اللغة الرفع في " الملائكة " عطفا على الله، كأنه قال: وتأتيهم الملائكة. ومن كسر عطف على ظلل، وتقديره في ظلل من الغمام، وظلل من الملائكة. وقوله: " وقضى الامر " أي فزع لهم مما كانوا يوعدون به. وقوله: " والى الله ترجع الأمور " لا يدل على أن الأمور ليست إليه الان وفي كل وقت. ومعنى الآية الاعلام في أمر الحساب، والثواب، والعقاب أي إليه، فيعذب من يشاء، ويرحم من يشاء، فلا حاكم سواه. ويحتمل أن يكون المراد: أنه لا أحد ممن يملك في دار الدنيا إلا ويزول ملكه ذلك اليوم. وشبهت الأهوال بالظلل من الغمام، كما قال: " موج كالظلل " (2) ومعنى الآية: ما ينظرون - يعني المكذبين بآيات الله - محمدا وما جاء به من القرآن والآيات إلا أن يأتيهم أمر الله وعذابه " في ظلل من الغمام والملائكة "، فهل بمعنى (ما)، كما يقول القائل: هل يطالب بمثل هذا إلا متعنت أي ما يطالب. وينظرون - في الآية - بمعنى ينتظرون. وقد يقال: أتى وجاء فيما لا يجوز عليه المجئ، والذهاب، يقولون أتاني وعيد فلان، وكلام فلان، وكل ذلك لا يراد به الاتيان الحقيقي قال الشاعر:
أتاني كلام من نصيب يقوله * وما خفت يا سلام أنك عائبي (3)
وقال آخر:
أتاني نصرهم وهم بعيد * بلادهم بلاد الخيزران (4)
فكأن المعنى في الآية: إن الناس في الدنيا يعتصم بعضهم ببعض، ويفزع بعضهم إلى بعض في الكفر والعصيان، فإذا كان يوم القيامة انكشف الغطاء، وأيقن الشاك، وأقر الجاحد، وعلم الجاهل، فلم يعصم أحد من الله أحدا، ولم يكن له من دون الله ناصر، ولا من عذابه دافع، وعلم الجميع أن الامر كله لله.
1- سورة الحشر آية: 2.
2- سورة لقمان آية: 32.
3- البيت في نوادر أبي زيد: 46، ومعاني القرآن للفراء 1: 146.
4- البيت للنابغة الجعدي اللسان (خزر) في المطبوعة (بأرض) بدل (بلاد).