الآية 204
قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾
قال الحسن: المعني بهذه الآية المنافق. وقال قوم: المعني: بها المرائي. وقيل: إنها نزلت في الأخنس بن شريق ذكره السدي وغيره.
اللغة:
والاعجاب هو السرور بالشئ سرور العجب بما يستحسن. ومنه العجب بالنفس، والسرور بها سرور العجب من الشئ استحسانا له، وذلك إذا تعجب من شدة حسنه. وتقول: عجب عجبا، وتعجب تعجبا، وعجبه تعجيبا، وأعجبه إعجابا، واستعجب استعجابا أي اشتد تعجبه. والعجاب: العجيب، وأعجبني هذا: إذا كان حسنا جدا. والمعجب بنفسه أو بالشئ معروف. وقال الأزهري: العجب كل شي غير مألوف، وعجب الذنب: العظم الذي ينبت عليه شعر الذنب في المعز، ورأيت أعجوبة وأعاجيب. وأصل الباب العجب. وقوله تعالى: " في الحياة الدنيا " أي وقت الحياة الدنيا فالحي هو من لا يستحيل، وهو على ما هو عليه أن يكون عالما قادرا. وقوله: " ويشهد الله على ما في قلبه " فأصل الاشهاد: هو الاقرار بالشئ ليشهد به المقر عنده. والمراد في الآية: من يقر بالحق، ويقول: اللهم اشهد علي، وضميره على خلافه. وقوله تعالى: " وهو ألد الخصام " يقال لده يلده لدا: إذا غلبه في الخصومة، ولده يلده: إذا أو جره في أحد خقي فمه. ولدت تلد لدا وهو شدة الخحومة. وجانبا كل شئ لديداه، فمنه لديدي الوادي. ولديدي العنق: صفحناه. ولده عن كذا: إذا حبسه. والتلدد: التلفت عن تحير وأصل الباب اللديد: الجانب. والخصام: هو المخاصمة. تقول: خاصمه يخاصمه مخاصمة، وخصاما، وتخاصما، واختصما اختصاما، واستخصمهم استخصاما. والخصم طرف الرواية الذي بحيال العزلاء (1) من مأخرها، وطرفها الاعلى وهو العصم. والاخصام من كل شئ جوانبه، كجوانب الخوالق الذي فيه العرى، يحمل به. وأصل الباب الخصومة. المنى: ومعنى " ألد " في الآية: هو الشديد الجدل بالخصومة إلى ما يريد، قال الشاعر:
ثم أردي وبهم من تردي * تلد أقران الخصوم اللد (2)
وقال الزجاج: الخصام جمع خصم. والمعنى هو أشد المخاصمين خصومة. وقال غيره: هو مصدر. ومعنى الآية أنه تعالى وصف المنافقين، فقال: " ومن الناس من يعجبك " يا محمد " قوله " في الظاهر، وباطنه بخلافه " ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام " جدل مبطل. ومن قرأ " ويشهد الله " - بفتح الياء - معناه أنه تعالى يشهد عليه بنفاقه، وإظهاره خلاف ما يبطن. والقراءة العامة هي الأولى.
1- في المطبوعة " الدراية الذي بحبال العولاء " وهو تصحيف.
2- معاني القرآن للفراء 1: 123 قدم البيت الثاني على الأول، واللسان " لدد " ذكر البيت الثاني فقط. ورواية اللسان " ألد " بدل " تلد ". ورواية معاني القرآن: ألد أقران الرجال اللد وفي تفسير الطبري 4: 235 كالذي ذكره الشيخ سواء.