الآية 74
قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ﴾
آية في الكوفي والمدني. أخبر الله تعالى انه حين ذهب عن إبراهيم الروع، وهو الافزاع، يقال: راعه يروعه روعا إذا أفزعه قال عنترة:
ما راعني الا حمولة أهلها * وسط الديار تسف حب الخمخم (1)
أي ما أفزعني، وارتاع وارتياعا إذا خاف. و (الروع) بضم الراء النفس، يقال ألقي في روعي، وهو موضع المخافة و " جاءته البشرى " يعنى بالولد " يجادلنا " وتقديره جعل يجادلنا، فجواب (لما) محذوف لدلالة الكلام عليه، لان (لما) تقتضيه، والفعل خلف منه. وقال الأخفش (يجادلنا) بمعنى جادلنا. وقال الزجاج: يجوز أن يكون ذلك حكاية حال قد جرت، والا فالجيد ان تقول: لما قام قمت، ولما جاء جئت. ويضعف ان تقول: لما قام أقوم، والتقدير في الآية لما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى اقبل يجادلنا واخذ يجادلنا. وقوله " يجادلنا " يحتمل معنيين:
أحدهما: يجادل رسلنا من الملائكة - في قول الحسن -.
الثاني: يسألنا في قوم لوط. والمعنى انه سأل الله، إلا أنه استغني بلفظ (يجادلنا) لأنه حرص في السؤال حرص المجادل. وقيل في ما به جادل ثلاثة أقوال:
أحدها: قال الحسن: انه جادل الملائكة بأن قال لهم: " ان فيها لوطا " (2) كيف تهلكونهم، فقالت له الملائكة " نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله " (3).
الثاني: قال قتادة انه سألهم: أتعذبون خمسين من المؤمنين ان كانوا؟قالوا: لا، ثم نزل إلى عشرة فقالوا: لا.
الثالث: قال أبو علي: جادلهم ليعلم بأي شئ استحقوا عذاب الاستئصال وهل ذلك واقع بهم لا محالة أم على سبيل الإخافة؟ليرجعوا إلى الطاعة.
1- ديوانه (دار بيروت): 17 والمعلقات العشر: 124 وتفسير الطبري 15: 401.
2- سورة العنكبوت آية 32.
3- سورة العنكبوت آية 32.