الآية 54

قوله تعالى: ﴿إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ﴾

في هذه الآية تمام الحكاية عن جواب قوم هود لهود، وهو انهم قالوا مع جحدهم لنبوته " ان نقول " لسنا نقول " إلا اعتراك " أصابك من قولهم عراه يعروه إذا اصابه، قال الشاعر: من القوم يعروه اجترام ومأثم (1) وقيل " اعتراك " أصابك يحنون خبل عقلك، ذهب إليه ابن عباس، ومجاهد. وإنما جاز ان يقول " إلا اعتراك " مع أنهم قالوا أشياء كثيرة غير هذا، لان المعنى ما نقول في سبب الخلاف الا اعتراك، فحذف، لان الحال يقتضي ان كلامهم في الخلاف وسببه. وقوله " قال إني اشهد الله " اخبار عما أجابهم به هود بأن قال: اشهد الله على أدائي إليكم ونصحي إياكم، وعلى ردكم ذلك علي وتكذيبكم إياي و " اشهدوا " أنتم أيضا انني برئ مما تشركون، وإنما أشهدهم - على ذلك وان لم يكونوا أهل شهادة من حيث كانوا كفارا فساقا - إقامة للحجة عليهم لا لتقوم الحجة بهم، فقيل هذا القول اعذارا وانذارا، ويجوز أن يكون يريد بذلك اعلموا كما قال " شهد الله " بمعنى علم الله.


1- قائله أبو خراش: مجمع البيان 3: 169، وتفسير الطبري 12: 35 ومجاز القرآن 1: 290 وصدره: (تذكر داخلا عندنا وهو فاتك).