الآية 72

قوله تعالى: ﴿فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ﴾

في هذه الآية إخبار من الله تعالى أنه أنجى هودا والذين آمنوا معه برحمة منه، والانجاء التخليص من الهلاك، وأصله من النجوة وهي الارتفاع من الأرض والنجاء السرعة في السير، لأنه ارتفاع فيه بالاسراع وإنما جاز أن يقول: برحمة منا مع أن النجاة هي الرحمة، لأنه عقد معنى النجاة بالرحمة، فصار كأنه يعمل بالقدرة. وقوله " وقطعنا " فالقطع هو افراد الشئ عن غيره مما كان على تقدير الاتصال به، فلما أفردوا بالهلاك عما كان على تقدير التبع لهم من نسلهم وآثارهم من بعدهم كان قد قطع دابرهم. وقال الحسن: معناه قطعنا أصل الذين كذبوا بديننا وما كانوا مؤمنين. وقال ابن زيد: قطعنا دابرهم معناه: استأصلناهم عن آخرهم. والدابر الكائن خلف الشئ. ونقيضه القابل، ويكون القابل الاخذ للشئ من قبل وجهه. وقوله " وما كانوا مؤمنين " إنما أخبر بذلك عن حالهم مع أنه معلوم منهم ذلك لبيان أن هذه الصفة لا تجوز أن تلحق المكذب بآيات الله الجاحد لها وإن في نفيها عن المكلف ذما له.