الآية 71
قوله تعالى: ﴿قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ﴾
في هذه الآية حكاية عما قال هود لقومه جوابا عما قالوه في الآية الأولى: أنه " قد وقع عليكم رجس وغضب " فالوقوع والسقوط والنزول نظائر. والوقوع وجود الشئ نازلا بالحدوث، فقد يكون بحدوثه، وقد يكون بحدوث غيره، كوقوع الحائط ونحوه. والرجس العذاب. وقيل: الرجس والرجز واحد فقلبت الزاي سينا، كما قلبت السين تاء في قول الشاعر:
ألا لحى الله بني السعلات * عمرو بن يربوع لئام النات
ليسوا باعفاف ولا أكيات (1)
يريد الناس، وبريد أكياس. وقال رؤبة:
كم قد رأينا من عديد ميزي * حتى أقمنا كيده بالرجز (2)
حكى ذلك عن أبي عمرو بن العلا. وقال ابن عباس: الرجس السخط، والغضب معنى يدعو إلى الانتقام دعاء الانتقاص الطباع لشدة الانكار، ونقيضه الرضا، وهو معنى يدعو إلى الانعام دعاء ميل الطباع. ومثل الغضب السخط، هذا قول الرماني. وقال غيره: الغضب هو إرادة العقاب بمستحقيه، ومثله السخط. والرضا هو الإرادة إلا أنها لا توصف بذلك إلا إذا وقع مرادها ولم يتعقبها كراهة، ولهذا جاز إطلاق ذلك على الله، ولو كان الامر على ما قاله الرماني لما جاز أن يقال: إن الله غضب على الكفار، ولا أنه سخط عليهم. وقوله " أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان " يعني ما أنزل الله بها من برهان، ولا نصب عليها حجة. والمعنى أتنازعونني في أسماء سميتموها يعني تسميتهم ما يعبدون من دون الله آلهة، ما أنزل الله عليكم بذلك حجة بما عبدتم، فالبينة عليكم بما ادعيتم وسميتم، وليس علي ان آتيكم بالبينة على ما تعبدون من دون الله بل ذلك عليكم، وعلي أن آتيكم بسلطان مبين أن الله تعالى هو المعبود وحده دون من سواه وأني رسوله. وقوله " فانتظروا اني معكم من المنتظرين " قال الحسن: معناه انتظروا عذاب الله فإنه نازل بكم، فاني معكم من المنتظرين لنزوله بكم، وهو قول الجبائي وغيره من المفسرين.
1- تفسير الطبري 12: 522، ونوادر أبي زيد: 104، 147.
2- ديوانه: 64 وتفسير الطبري 12: 522.