الآية 70
قوله تعالى: ﴿قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾
قيل في الفرق بين " قالوا " وتكلموا، أن القول مضمن بالحكاية من حيث هو على صفة القول، وليس كذلك من حيث هو على صفة الكلام. وفى الآية حكاية ما قال قوم هود، وهم قبيلة عاد لهود (ع) " أجئتنا " ومعناه أتيتنا " لنعبد الله وحده " وتريد منا أن نوجه عبادتنا إلى الله وحده. والمجئ والاتيان والاقبال واحد، وقال قوم المجئ إتيان من أي جهة كان، والاتيان إقبال من قبل الوجه. وقوله " ونذر " ومعناه ونترك، ولم تستعمل فيه (وذرنا) استغناء بتركنا، ولا يلزم أن يستغنى بنترك عن نذر، لان نذر خفيفة، لان الواو حذفت منه. " ما كان يعبد آباؤنا " تمام الحكاية عن الكفار أنهم قالوا: كيف نترك ما كان يعبد آباؤنا ؟! وأنهم قالوا " فأتنا بما تعدنا " من العذاب " ان كنت صادقا " " من " جملة " الصادقين " وإنما لم يجب اتباع الاباء، وان كانوا عقلاء ووجب اتباع العقلاء، لأنه إنما يجب اتباع العقلاء فيما علموه بعقولهم ضرورة، فأما ما طريقه الدليل فإنه يجوز أن يغلطوا فيه فلا يجوز حينئذ اتباعهم وان كانوا أباءا.