الآية 12

قوله تعالى: ﴿فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾

هذا خطاب من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله يحثه على أداء جميع ما بعثه به وأوحى إليه، وينهاه عن كتمانه، ويشجعه على الأداء، ويقول له لا يكون لعظم ما يرد على قلبك ويضيق به صدرك من غيظهم يوهمون عليك انهم يزيلونك عن بعض ما أنت عليه من امر ربك، وأنك تترك بعض الوحي ويضيق به صدرك مخافة أن يقولوا أو لئلا يقولوا " لولا انزل عليه كنز " أي هلا انزل عليه كنز فينفق منه " أو جاء معه ملك " يعينه على أمره بل " إنما أنت نذير " أي منذر مخوف من معاصي الله وعقابه " والله على كل شئ وكيل " أي حافظ يكتب عليهم أفعالهم وأقوالهم، ومجازيهم عليها، فلا تغمك أقوالهم ولا أفعالهم ولا يضيق بذلك صدرك فان وبال ذلك عائد عليهم. وضائق وضيق واحد الا ان (ضائق) ههنا أحسن لمشاكلته لقوله: تارك، والضيق قصور الشئ عن مقدار غيره أن يكون فيه، فإذا ضاق صدر الانسان قصر عن معان يتحملها الواسع الصدر. والصدر مسكن القلب ويشبه به رفيع المجالس ورئيس القوم لشرفه على غير. والكنز المال المدفون لعاقبته، وصار في الشرع اسم ذم في كل مال لا يخرج منه حق الله من الزكاة وغيره، وإن لم يكن مدفونا.