الآية 9

قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ﴾

أقسم الله تعالى في هذه الآية انه لو أحل تعالى بالانسان رحمة من عنده يعني ما يفعله الله تعالى بهم في الدنيا من الأرزاق، فإنه يعم بها خلقه كافرهم ومؤمنهم. ثم نزعها منه وسلبها، وسمى احلال اللذات بهم إذاقة تشبيها ومجازا، لان الذوق في الحقيقة تناول الشئ بالفم لا دراك الطعم، والانسان حيوان على الصورة الانسانية لان الصورة الانسانية بانفرادها قد تكون للتمثال ولا يكون انسانا فإذا اجتمعت الحيوانية والصورة لشئ فهو انسان. قال الرماني: وكلما لا حياة فيه فليس بانسان كالشعر والظفر وغيرهما. والنزع رفع الشئ عن غيره مما كان مشابكا له، والنزع والقلع والكشط نظائر. واليأس القطع بأن الشئ لا يكون وهو ضد الرجاء ويؤوس كثير اليأس من رحمة الله وهذه صفة ذم، لأنه لا يكون كذلك الا للجهل بسعة رحمة الله التي تقتضي قوة الامل. وفائدة الآية الاخبار عن سوء خلق الانسان وقنوطه من الرحمة عند نزول الشدة وأنه إذا أنعم عليه بنعمة لم يشكره عليها وإذا سلبها منه يئس من رحمة الله وكفر نعمه، وهو مصروف إلى الكفار الذين هذه صفتهم.