الآية 106

قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ﴾

المعنى:

قيل في معنى قوله " ولا تدع من دون الله " قولان:

أحدهما: لا تدعه إلها كما يدعو المشركين الوثن إلها.

الثاني: لا تدعه دعاء الآلهة في العبادة بدعائه. والدعاء يكون على وجهين:

أحدهما: بلفظ النداء كقولك: يا زيد إذا دعوته باسمه.

الثاني: أن تدعوه إلى الفعل وتطلب منه فعله كقول القائل لمن فوقه: إفعل. وقوله " ولا تدع من دون الله " معناه لا تدع غير الله إلها. وإنما قال " ما لا ينفعك ولا يضرك " مع أنه لو نفع وضر لم تحسن عبادته لامرين:

أحدهما: أن يكون معناه ما لا ينفك ولا يضرك نفع الاله وضره.

والثاني: انه إذا كان عبادة غير الله ممن يضر وينفع قبيحة فعبادة من لا يضر ولا ينفع أقبح وأبعد من الشبهة. وقوله " فان فعلت فإنك إذا من الظالمين " معناه انك إن خالفت ما أمرت به من عبادة الله كنت ظالما لنفسك بادخال الضرر الذي هو العقاب عليها. وهذا الخطاب وإن كان متوجها إلى النبي فالمراد به أمته، ويجوز أن يكون الانسان يضر نفسه بما يفعل بأن يؤديها إلى الضرر. ولا يجوز أن ينعم على نفسه لان النعمة تقتضي شكر المنعم عليه وذلك لا يمكن من الانسان ونفسه كما لا يمكن أن يثبت له في نفسه مال أو دين.