الآية 100
قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ﴾
القراءة:
قرأ أبو بكر إلا الأعشى والبرجمي (ونجعل) بالنون. الباقون بالياء. من قرأ بالياء فلانه تقدم ذكر الله فكنى عنه. ومن قرأ بالنون ابتدأ بالاخبار عن الله. ومعنى قوله " وما كان لنفس ان تؤمن إلا بإذن الله " انه لا يمكن أحد ان يؤمن إلا باطلاق الله له في الايمان وتمكينه منه ودعاءه إليه بما خلق فيه من العقل الموجب لذلك. وقال الحسن وأبو علي الجبائي: اذنه ههنا أمره كما قال " يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم " (1) وحقيقة اطلاقه في الفعل بالامر، وقد يكون الاذن بالاطلاق في الفعل برفع التبعة. وقيل: معناه وما كان لنفس أن تؤمن إلا بعلم الله. وأصل الاذن الاطلاق في الفعل فأما الاقدار على الفعل فلا يسمى أذنا فيه، لان النهي ينافي الاطلاق. قال الرماني: والنفس خاصة الشئ التي لو بطل ما سواها لم يبطل ذلك الشئ، ونفسه وذاته واحد إلا أنه قد يؤكد بالنفس ولا يؤكد بالذات. والنفس مأخوذة من النفاسة. وقوله " ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون " قيل في معناه قولان:
أحدهما: قال الفراء: الرجس العذاب يجعله على الذين لا يعقلون امر الله ولا نهيه ولا ما يدعوهم إليه.
الثاني: قال الحسن: الرجس الكفر أي يجعله بمعنى انه يحكم انهم أهله ذما لهم واسما " على الذين لا يعقلون " اي كأنهم لا يعقلون شيئا ذما لهم وعيبا وقال ابن عباس: الرجس الغضب والسخط. وقال أبو عبيدة الرجز العذاب ومثله الرجس، ومنه قوله " لان كشفت عنا الرجز " (2) وقوله " فلما كشفنا عنهم الرجز " (3) وقوله " والرجز فاهجر " (4) معناه وذا الرجز أي الذي تؤدي عبادته إلى العذاب. وقال الحسن: الرجز بضم الراء العذاب، وبكسرها الرجس. وقال الفراء: يجوز أن يكون الرجز بمعنى الرجس وقلبت الزاي سينا كما قالوا أسد وأزد.
1- سورة 4 النساء 169.
2- سورة 7 الأعراف آية 133، 134.
3- سورة 7 الأعراف آية 133، 134.
4- سورة 74 المدثر آية 5.