الآية 99
قوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ﴾
أخبر الله تعالى في هذه الآية انه لو شاء وأراد " لا من من في الأرض كلهم جميعا " فكلهم رفع لأنه تأكيد ل? (من) وهي مرتفعة بالايمان (وجميعا) منصوب على الحال. والمشيئة والإرادة والايثار والاختيار نظائر، وإنما يختلف عليهم الاسم بحسب مواقعها على ما بيناه في الأصول. وقيل: إن الشئ مشتق من المشيئة لأنه مما يصح ان يذكر ويشاء، كما اشتقوا المعنى من عنيت. ومعنى الآية الاخبار عن قدرة الله وانه يقدر على أن يكون الخلق على الايمان، كما قال " إن نشاء ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين " (1) وإنما أراد بذلك الاخبار عن قدرته بلا خلاف، ولذلك قال بعد ذلك " أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين " ومعناه انه لا ينبغي ان يريد إكراههم لان الله عز وجل يقدر عليه ولا يريده، لأنه ينافي التكليف، وأراد بذلك تسلية النبي صلى الله عليه وآله والتخفيف عنه مما يحلقه من التحسر والحرص على ايمانهم. وفي الآية دلالة على بطلان قول المجبرة، فإنه تعالى لم يزل شايئا وانه لا يوصف بالقدرة أيضا، لأنه تعالى اخبر انه لو يشاء لقدر عليه لكنه لم يشأ فلذلك لم يوجد ولو كان شايئا لم يزل لما جاز ان يقول ولو شاء ربك كما لا يجوز أن يقول لو شاء لقدر لما كان قادرا حاصلا لم يزل.
1- سورة 26 الشعراء آية 4.