الآية 49
قوله تعالى: ﴿أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ اللّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ﴾
قيل في القائل لهذا القول الذي هو " أهؤلاء الذين أقسمتم " قولان:
أحدهما: قال الحسن وأبو مجلز والجبائي وأكثر المفسرين: انهم أصحاب الأعراف يقولون للكفار مشيرين إلى أهل الجنة " أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة " وهذا يدل على أن الواقفين على الأعراف هم ذووا المنازل الرفيعة والمراتب السنية.
الثاني: انه من قول الله تعالى في أصحاب الأعراف. وقوله " أهؤلاء " مبتدأ وخبره " الذين أقسمتم " ولا يجوز أن يكون (الذين) صفة لهؤلاء من وجهين:
أحدهما: ان المبهم لا يوصف الا بالجنس.
والآخر: انه يبقى المبتدأ بلا خبر. ويجوز نصب (هؤلاء) بالفعل في " أهؤلاء الذين " أقسمتم " ولا يجوز مع " الذين أقسمتم " لان ما بعد الموصول لا يعمل فيما قبله، لأنه من تمام الاسم. والاقسام تأكيد الخبر تقول: والله وتالله، للقطع عليه أو ليدخل في قسم ما يقطع به العمل عليه. وقوله " لا ينالهم الله برحمة " فالنيل هو لحوق البر. واصله اللحوق، تقول: نلت الحائط أناله نيلا إذا لحقته. وقوله " ادخلوا الجنة " أمر بدخول الجنة للمؤمنين. وقوله " لا خوف عليكم " فالخوف هو توقع المكروه، وضده الا من وهو الثقة بانتفاء المكروه و " لا أنتم تحزنون " معناه ادخلوا الجنة، لا خائفين ولا محزونين، وفائدة الآية تقريع الزارئين على ضعفاء المؤمنين حتى حلفوا أنهم لا خير لهم عند الله، فقيل لهم " ادخلوا الجنة " على أكمل سرور وأتم كرامة.