الآية 91

قوله تعالى: ﴿آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾

القراءة:

قرأ أبو جعفر من طريق النهرواني ونافع إلا أبا طاهر عن إسماعيل وأحمد ابن صالح عن قالون والحلواني عن قالون من طريق الحمامي " الان " في الموضعين في هذه السورة بالقاء حركة الهمزة على اللام وحذف الهمزة منهما. قال أبو علي النحوي: اعلم أن لام المعرفة إذا دخلت على كلمة أولها الهمزة فخففت الهمزة فان في تخفيفها وجهين:

أحدهما: ان تحذف وتلقى حركتها على اللام وتقر همزة الوصل فيقال الحمر بالألف.

الثاني: ان يقولوا: كالحمر بلا الف فيحذفون همزة الوصل، فالذين أثبتوا الهمزة فلان التقدير باللام السكون وان كانت في اللفظ متحركة. واللغة الأخرى كما انشد الكسائي:

فقد كنت تخفي حب سمراء حقبة * فبح لان منها بالذي أنت بائح (1)

فأسكن الحاء لما كانت اللام متحركة، ولو لم يعتد بالحركة كما لم يعتد في الوجه الأول تحرك الحاء بالكسر كما يحركه في بح اليوم. ومعنى (الان) فصل بين الزمان الماضي والمستقبل مع أنه إلى الحاضر ولهذا بني كما بني (إذا) وعرف (الان) بالألف واللام (وامس) بتضمين حرف التعريف لان ما مضى بمنزلة المضمن في المعنى في أنه ليس له صورة. والحاضر في معنى المصرح في صحة الصورة. واختلفوا فيمن القائل هذا القول، فقال الجبائي: ان القائل له ملك قال ذلك بأمر الله. وقال (غيره) ان ذلك كلام من الله قاله له على وجه الإهانة والتوبيخ وكان ذلك معجزة لموسى عليه السلام ومعنى الآية حكاية ما قبل لفرعون حين قال " آمنت أنه لا اله لا الذي آمنت به بنوا إسرائيل " بأنك تقول هذا في هذه الساعة " وقد عصيت قبل " هذا " وكنت من المفسدين " في الأرض بقتل المؤمنين وادعاء الإلهية، وغير ذلك من أنواع الكفر!.


1- مر هذا البيت في 1 / 300 وهو في اللسان (أين).