الآية 39
قوله تعالى: ﴿وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ﴾
هذا حكاية عن جواب قول الأمة الأولى المتبوعة للأخرى التابعة حين سمعت دعاءها عليهم بأن يؤتيهم ضعفا من العذاب " فما كان لكم علينا من فضل " وقيل في معناه قولان:
أحدهما: ما كان لكم علينا من فضل في ترك الضلال، وهو قول أبي مخلد والسدي. وقال الجبائي: لمساواتك لنا في الكفر.
الثاني: من فضل في التأويل فتطالبونا بتضييع حقه. ولفظة (أفعل) على ثلاثة أوجه:
أحدها: ما فيه معنى يزيد كذا على كذا، فهذا لا يجوز فيه التأنيث والتذكير والتثنية والجمع مضافا كان أو على طريقة (أفعل من كذا) كقولك أفضل من زيد وأفضل القوم لتضمنه معنى الفعل، والمصدر كقولك أفضل القوم بمعنى يزيد فضله على فضلهم.
الثاني: ما لم يقصد فيه معنى يزيد كذا على كذا، فهذا يجوز فيه كل ذلك كقولك: الأكبر والكبرى والأكابر.
الثالث: (أفعل) من الألوان والعيوب الظاهرة للحاسة، فهذا يجئ على (أفعل، وفعلاء) وجمعه (فعل) نحو أحمر، وحمراء وحمر. وأعرج وعرجاء وعرج. وأما (أفعل) إذا كان اسم جنس، فإنه يثنى ويجمع ولا يؤنث، وكذلك إذا كان علما نحو أفكل وأفاكل وأحمد وأحامد. فاما أبطح وأباطح وأجزع وأجازع، فأجري هذا المجرى، لأنه استعمل على طريقة اسم الجنس وأصله الوصف، ولا يجوز في (أفعل) الفعول إلا بالتعريف لايذان معنى (أفعل) معنى أفعل من كذا، قال سيبويه: لا يجوز نسوة صغر ولا كبر حتى تعرفه فتقول: النسوة الصغر والكبر.