الآية 62
قوله تعالى: ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾
بين الله تعالى في هذه الآية أن أولياءه لا خوف عليهم يوم القيامة من العقاب " ولا هم يحزنون " اي ولا يخافون. وقال ابن عباس وسعيد بن جبير: هم قوم ذكرهم الله بما هم عليه من سيماء الخير والاخبات وقال ابن زيد: هم الذين آمنوا وكانوا يتقون. وقد بينهم في الآية بعدها. وقال قوم: هم المتحابون في الله ذكر ذلك في خبر مرفوع. والأولياء جمع ولي وهو الذي يستحق من الله ان يوليه ثوابه وكرامته، وهو المطيع لله الذي يتولى اجلاله واعظامه. وقيل: الولي النصير ولا يسمى المتولي الانعام على غيره انه وليه، لأنه قد يتولى الانعام عليه للمظاهرة بالجميل في امره واستصلاحه الذي يصرف عن القبيح، وإن كان عدوه. ولا يجتمع الولاية والعداوة. والخوف انزعاج القلب لما يتوقع من المكروه. والخوف والفزع والجزع نظائر، وضده الامن، والحزن غلظ الهم مأخوذ من الحزن، وهي الأرض الغليظة، وضده السرور. قال الجبائي: هذه الآية تدل على أن المؤمنين المستحقين للثواب لا يخافون يوم القيامة أصلا بخلاف ما يقول قوم انهم يخافون إلى أن يجوزوا الصراط. وقال البلخي: ليس يمتنع ان يخافوا من أهوال يوم القيامة وان علموا ان مصيرهم إلى الجنة والثواب. وعلى ما نذهب إليه من أنه يجوز ان يعاقب الله بعض الفساق ثم يردهم إلى الثواب ينبغي أن تكون الآية مخصوصة بمن لا يستحق العقاب أصلا. أو نقول المراد بذلك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون لذلك. وروي عن الحسن عليه السلام انهم الذين أدوا فرائض الله واخذوا بسنن رسول الله وتورعوا عن محارم الله وزهدوا في عاجل زهرة الدنيا، ورغبوا فيما عند الله واكتسبوا الطيب من رزق الله لمعايشهم لا يريدون به التفاخر والتكاثر. ثم انفقوه فيما يلزمهم من حقوق واجبة، فأولئك الذين يبارك الله لهم فيما اكتسبوا ويثابون على ما قدموا منه لاخرتهم.