الآية 41

قوله تعالى: ﴿وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ﴾

خاطب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله فقال " وان كذبوك " هؤلاء الكفار ولم يصدقوك وردوا عليك بذلك ونسبوك إلى الكذب " فقل لي عملي " أي إن كنت كاذبا فوباله علي " ولكم عملكم " أي ان كنتم غير محقين فيما تردونه علي وتكذبوني، فلكم جزاء عملكم، فأنتم تبرؤن مما أعمل وأنا أبرأ من أعمالكم. وفائدة ذلك الاخبار بأنه لا يجازى أحد الا على عمله، ولا يؤخذ أحد بجرم غيره كما قال تعالى " ولا تزر وازرة وزر أخرى " (1) والبراءة قطع العلقة التي توجب رفع المطالبة وذلك كالبراءة من الدين، والبراءة من العيب في البيع، ولم يقل النبي صلى الله عليه وآله هذا القول شكا منه فيما يجازي الله الكفار والمؤمنين به من الثواب والعقاب. وإنما قال على وجه التلطف لخصمه وحسن العشرة، وأن لا يستقبلهم بما يكرهونه من الخطاب فربما كان داعيا لهم ذلك إلى الانقياد والنظر في قوله. وقال ابن زيد: هذه الآية منسوخة بآية الجهاد، وعلى ما قلناه لا يحتاج إلى ذلك.


1- سورة 6 الانعام آية 164 وسورة 17 الاسرى آية 15 وسورة 35 فاطر آية 18 وسورة 39 الزمر آية 7.