الآية 5

قول تعالى: ﴿فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا إِلاَّ أَن قَالُواْ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾

اخبر الله تعالى انه لم يكن دعاء هؤلاء الذين أهلكهم عقوبة على معاصيهم وكفرهم في الوقت الذي جاءهم بأس الله، وهو شدة عذابه، ومنه البؤس شدة الكفر. والبئس الشجاع لشدة بأسه، وبئس من شدة الفساد الذي يوجب الذم. " الا أن قالوا انا كنا ظالمين " يعني اعترافهم بذلك على نفوسهم واقرارهم به، وكان هذا القول منهم عند معاينة البأس واليقين بأنه نازل بهم، ويجوز أن يكون قالوه حين لابسهم طرف منه، لم يهلكوا منه، و (دعواهم) خبر كان واسمها " ان قالوا " وهو بمعنى قولهم " وهما معرفتان يجوز ان يجعل كل واحد منهما اسما والاخر خبرا، كما قال " ما كان حجتهم الا ان قالوا " (1) بالرفع، والنصب، وإنما قد الخبر على الاسم، لان الثاني وقع موقع الايجاب، والأول موقع النفي، والنفي أحق بالخبر. والدعوى، والدعاء واحد. وفرق قوم بينهما بأن في الدعوى اشتراكا بين الدعاء والادعاء المال وغيره، واصله الطلب قال الشاعر: ولت ودعواها كثير صخبه (2) أي دعاؤها، ويجوز ان يقال: اللهم أشركنا في دعوى المسلمين يريد دعاء المسلمين حكاه سيبويه، قال الشاعر:

وان مذلت رجلي دعوتك اشتفي * بدعواك من مذل بها فيهون (3)

معنى مذلت اي خدرت.

1- سورة 45 الجاثية آية 24.

2- اللسان (دعا)، وروايته " قالت " بدل (ولت) وفى رواية أخرى (ولت ودعواها شديد صخبه).

3- ديوانه 2 / 245 واللسان (مذل) وتفسير الطبري 12 / 304 ونهاية الإرب 2 / 125. وكانوا يدعون ان الانسان إذا خدرت رجله ودعا باسم من يحب زال الخدر.