الآية 166
قوله تعالى: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ﴾
الاعراب واللغة:
العامل في (إذ) قوله تعالى: " وإن الله شديد العقاب إذ تبرأ الذين " كأنه قيل وقت تبرأوا. والتبرء: التباعد للعداوة، فإذا قيل تبرأ الله من المشركين معناه باعدهم من رحمته، وكذلك إذا تبرء الرسول منهم معناه باعدهم - للعداوة - عن منازل من لا يحب له الكراهة. والتبرء في أصل اللغة، والتزيل، والتقصي نظائر. وضد التبرء التولي. والاتباع: طلب الاتفاق في مكان، أو مقال، أو فعال، فإذا قيل اتبعه ليلحقه، فمعناه ليتفق معه في المكان، وإذا تبعه في مذهبه أو في سيره أو غير ذلك من الأحوال، فمعناه طلب الاتفاق. و " اتبعوا " ظمت الألف فيه لضمة الثالث، وضمة الثالث لما لم يسم فاعله، لأنه إنما يضم له أول المتحرك من الفعل فيما بني عليه، والف الوصل لا يعتد به، لأنه وصلة إلى التكلم بالساكن فإذا اتصل بمتحرك، استغني عنه.
المعنى:
والمعني بقوله: " الذين اتبعوا " رؤساء الضلالة من الانس. وقال قوم: هم من الجن. وقيل: من الجميع.
والأول: قول قتادة، والربيع، عطا.
والثاني: قول السدي. وقوله تعالى: " وتقطعت بهم الأسباب " فالتقطع: التباعد بعد الاتصال. والسبب: الوصلة إلى التعذر بما يصلح من الطلب. ومعنى الأسباب هاهنا. قيل فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: قال مجاهد، وقتادة، والربيع، وفي رواية عن ابن عباس: هي الوصلات التي كانوا يتواصلون عليها.
الثاني: روي عن ابن عباس: أنها الأرحام التي كانوا يتقاطعون بها.
الثالث: قال ابن زيد: الاعمال التي كانوا يوصلونها. وقال الجبائي: تقطعت بهم أسباب: النجاة.
اللغة:
والسبب: الحبل. والسبب: ما تسببت به من رحم، أو يد، أو دين. ومنه قوله: " فليرتقوا في الأسباب " (1). تقول العرب. إذا كان الرجل ذا دين: ارتقا في الأسباب. والسب: الشتم. والسب: القطع. والسب: الشقة البيضاء من الثياب، وهي السبيبة (2)، ومضت سبة من الدهر أي ملاوة. والسب: الوتد. والسبابة: ما بنى الوسطى والابهام. والتسبب: التوصل إلى ما هو منقطع عنك. ويقال: تسبب يتسبب تسببا، واستبوا استبابا، وسبب تسبيبا، وسابه؟.
1- سورة الأنفال آية: 51.
2- سورة ص آية: 10.